للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الزركشي: القراءات اختلاف ألفاظ الوحي، المذكور في الحروف وكيفيتها، من تخفيف وتشديد وغيرها (١).

أما ابن الجزري فعرفها:

" بأنها علم بكيفية أداء كلمات القرآن، واختلافها بعزو الناقلة، وهذا التعريف اعتمده كثير من المؤلفين في علم القراءات.

أما الدمياطي فقد أسهب في تعريفه فقال: " القراءات علم يعلم منه اتفاق الناقلين لكتاب الله، واختلافهم في الحذف والإثبات، والتحريك والتسكين، والفصل والوصل، وغير ذلك من هيئة النطق والإبدال وغيره من حيث السماع (٢).

وهناك من عرف القراءات بأنها: " مذهب يذهب إليه المقرئ "، وهو وإن كان مقصوده ما ذهب إليه العلماء، أن مبنى ما ذهب إليه القارئ هو الوحي والسماع، إلا أن المستشرقين قد جعلوا من مثل هذه التعاريف مأربا خبيثا للصيد في الماء العكر؛ إذ رأوا أن اختلاف القراءات مبناه اختلاف القراء، وفق هواهم ومعتقداتهم، وراحوا يقيسون اختلاف الأناجيل على اختلاف الروايات في القراءات (٣)، ومع كل الأسف فقد وجدنا ممن شايعهم من يذهب إلى مثل أقوالهم، ولعل في تعريف الزركشي ما أجلى هذه الحقيقة، وما يبعد هذه الشبهة؛ إذ قال عن القراءات واختلافها: " إنها اختلاف ألفاظ الوحي ".

فهذا التعريف يلقي الضوء على أن مبنى القراءات الوحي النازل من السماء، وقد تبعه علماء القراءات، قديما وحديثا، في تجلية هذه الحقيقة، فجاءوا بتعريفات واضحة وناصعة؛ ففي " إتحاف فضلاء البشر، في القراءات الأربعة عشر " تعريف للقراءات بأنها: " النطق بألفاظ القرآن، كما نطقها النبي صلى الله عليه وسلم "


(١) البرهان في علوم القرآن ١/ ٣١٨.
(٢) الدمياطي البنا: هو محمد بن محمد الدمياطي. توفي سنة ١١١٧.
(٣) انظر أقوال جولد زيهر وغيره، في كتاب المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن.