الركنين الأخيرين- لم تأت إلا في وقت متأخر، كما ذكره الأفغاني في تحقيقه لكتاب حجة القراءات لأبي زرعة، وقد وصف الصفاقسي اشتراط غير صحة السند، بأنه قول محدث لا يعول عليه.
ثانيهما: أن علماء القراءات خلطوا بين الركن والشرط، وهو خلط غير مقصود به ما يقصده الأصوليون في التمييز بينهما؛ فعلماء القراءات يعنون بالركن الشرط أو العكس، وهم على أية حال لا يقصدون به إلا التعبير عن الأمور الثلاثة، إن شئت سميتها أركانا أو شروطا، وهي مثل إطلاق السبب على العلة، والعلة على السبب، دون قصد في التدقيق والتحقيق في الفارق بينهما.
بعد هذا التنويه والتنبيه نقول: إن كان الحديث عن القراءات ومعناها قد كثر فيه الخلاف والاختلاف، بين أئمة هذا العلم، فإن الحديث عن أركانها أو شروطها أكثر خلافا؛ فأكثرهم يشترط لقبول القراءة أركانا ثلاثة، ومنهم من يكتفي بركنين، ومنهم من يقتصر على ركن واحد، والقائلون بالأركان الثلاثة يتفاوتون في الأخذ بكل ركن منها، وسأضع بين يديك هذه الأركان كما نظمها أحد أئمة هذا الشأن شعرا؛ فقال:
فكل ما وافق وجه نحوي ... وكان للرسم احتمالا يحوي
وصح إسنادا هو القرآن ... فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختل ركن أثبت ... شذوذه ولو أنه في السبعة (١)
فهذه هي الأركان الثلاثة، وسأبدأ بذكر أهمها، بل المجمع على إشتراطه؛ ألا وهو: