للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فابن مجاهد شيخ هذه الصنعة؛ إذ هو أول من سبع السبعة، قد قال: " والقراءة التي عليها الناس، بالمدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام، هي القراءة التي تلقوها عن أوليهم تلقينا، وقام بها في كل مصر، من هذه الأمصار، رجل ممن أخذ عن التابعين، أجمعت الخاصة والعامة على قراءته، وسلكوا فيها طريقه وتمسكوا بمذهبه (١) ".

فلا يمكن اعتبار للقراءة القرآنية، إلا إذا كانت قد أخذت بطريق التلقي والمشافهة، وهذا ما يؤكده في موضع آخر؛ إذ يقول: " فهؤلاء سبعة نفر، من أهل الحجاز والعراق والشام، خلفوا في القراءة التابعين، وأجمعت على قراءتهم العوام من أهل كل مصر من هذه الأمصار ".

فابن مجاهد يشترط، لقبول القراءة، صحة السند، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء المحققين، كابن شنبوذ والإمام أبو الحسن البغدادي وابن خالويه ومكي بن أبي طالب والإمام الكواشي والإمام أبو شامة.

ولم يشذ عن إجماع هؤلاء العلماء، إلا محمد بن الحسن بن يعقوب المتوفى سنة ٣٥٤ هـ.

فإنه لم يشترط السند، واكتفى بقبول القراءة بشرطين: موافقة الرسم، وموافقة اللغة العربية، وأسقط صحة السند، وفي ذلك يقول ابن الجزري: وله " أي المذكور " اختيار في القراءة رويناه في الكامل وغيره، رواه عنه أبو الفرج الشنبوذي ويذكر عنه أنه كان يقول: إن كل قراءة وافقت المصحف ووجها في العربية، فالقراءة بها جائزة وإن لم يكن لها سند (٢).

والحق أن: هذه هفوة من الهفوات التي لا يرتضيها شرع ولا عقل، وهي من أفسد الأقوال، فالقراءات قد تزداد وتنقص، وفق احتمال موافقتها للغة أو للرسم القرآني، وبالتالي فهي وفق هوى واجتهاد أئمة اللغة.


(١) كتاب السبعة في القراءات، لابن مجاهد تحقيق شوقي ضيف ص ٤٩.
(٢) غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ٢/ ١٢٤.