للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشروط، وقد أخطأ من حكم بقرآنيتها، إذا وافقت الرسم ووافقت اللغة، وأنزلها منزلة التواتر.

إن التواتر لا يكون إلا بالسند الذي يرويه جمع عن جمع. . إلخ، إذا وضح عندنا صحة اعتبار تواتر السند، فلا ضير علينا في الركنين الأخيرين؛ لأنه لم يثبت لدينا أن قراءة من القراءات المتواترة قد خالفت الرسم القرآني، أو خالفت العربية، ودع عند ما يقال إن بعض القراءات القرآنية المتواترة قد خالفت العربية، كما زعموا في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (١)، بالكسر، أو قراءة "فتوبوا إلى بارئكم "بالتسكين؛ فإن كلام النحاة، الذين خالفوا كلام القراء، لا يستند إلى دليل، ولست في مجال الرد عليهم، فإن الكلام في ذلك يطول.

أعود لأقول: إن شرط القراءة أو ركنها، كما يقول بعض العلماء، هو صحة السند وتواتره، ولا ثاني له، والله أعلم.

ويقول الأستاذ سعيد الأفغاني: والشرط الأساسي، كما يظهر للمتأمل هو الأول (أي صحة السند)، أما الثاني والثالث- فالغالب أنهما أضيفا، ليتكون من الثلاثة ما ينطبق تمام المطابقة على القراءات العشر المعروفة.

ثم أضاف أن أول وأشهر من عرف عنه اشتراط الشروط الثلاثة، هو (مكي بن أبي طالب) الذي عاش في المائة الخامسة للهجرة، منذ قال: " والقراءات الصحيحة ما صح سندها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما صح وجهها في العربية، ووافقت خط المصحف "، وشاع هذا القول بعده، حتى تبعه على ذلك بعض المتأخرين، ومشى عليه ابن الجزري في نشره وطيبه، واستنكرت الجمهرة ذلك. حتى قال الصفاقسي: " وهذا قول محدث لا يعول عليه " (٢).

أقوال العلماء في تواتر السند:

لست بدعا في اشتراط التواتر، في السند، فقد قال بذلك علماء أذكر منهم


(١) سورة النساء الآية ١
(٢) في مقدمة تحقيق حجة القراءات، لأبي زرعة، تحقيق الأستاذ سعيد الأفعاني.