للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا لو انفرد المغيرة بالأخذ عنه، وقد أخذ عنه أبو عبد الرحمن وأبو الأسود الدؤلي، وزر بن حبيش، كما تقدم.

وما ذكره من أن عثمان -رحمه الله- ما انتصب لإقراء القرآن، فقد تبين بقراءة من ذكرناه عليه خلاف ذلك.

وأما قوله: " فقد كان له من أقاربه من هو أوجب حقا من المغيرة، فهذا لا يلزم أيضا، إنما يكون قادحا لو كان غير المغيرة من أقاربه، وقد سأله ذلك فأبى أن يقرئه.

فأما كون أقاربه لم يقرءوا عليه، فكثير من العلماء قد أخذ عنهم الأجانب والأباعد دون الأقارب، وعن قتادة: " أزهد الناس في العالم أهله وعن الحسن: " أزهد الناس في العلم جيرانه ".

وأما قوله في عراك: " إنه مجهول، لا يعرف بالنقل في أهل النقل، ولا بالقرآن في أهل القرآن "، فكفى به تعريفا وتعديلا، أخذ هشام عنه كلام، ثم تحدث كلاما يطول في التوثيق، وإثبات التواتر في الأصل: تقدم التعليق عليه. ا. هـ السخاوي.

وهذا كلام لا نأخذ عليه، إلا أنه خص دفاعه عن ابن عامر، ولعل عذره أنه من أهل الشام، وأراد بدفاعه عن ابن عامر دفاعه عن قراءة أهل الشام بالذات، والله أعلم بالنيات.

يظهر لنا، من كل ما تقدم، أن طعن ابن جرير في هذه القراءات، إنما هو ناجم عن اعتقاده بعدم تواترها، وهذا موطن الداء في موقفه منها، وهو على أية حال مخطئ في مخالفته للإجماع على تواترها، ولعل موقفه هذا قد كان له تأثير على ابن الجزري الذي كان يقول بتواتر القراءات السبع، ثم عدل عنه إلى الاكتفاء بشهرتها، وهو موقف كان مدعاة للنقد، وإن كان أهون من موقف الطبري الذي رماها بالسقوط، ورمى أصحابها بالغفلة والغباء، غفر الله له ولهم ولنا أجمعين.