للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قراءة من قرأ (مالك) لأنها تكرار، وقال أبو حاتم: " إن مالكا أبلغ في مدح الخالق في مدح المخلوقين أبلغ من مالك، والفرق بينهما أن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك، وإذا كان الله تعالى مالكا كان ملكا، واختار هذا القول القاضي أبو بكر العربي، وذكر ثلاثة أوجه: الأول: أنك تضيفه إلى الخاص والعام، فنقول مالك الدار والأرض والثوب، كما تقول: مالك الملوك.

الثاني: أنه يطلق على مالك القليل والكثير، وإذا تأملت هذين القولين وجدتهما واحدا.

الثالث: أنك تقول: مالك الملك، ولا تقول ملك الملك، (المالك) بعد عرض أدلة الفريقين وحججهم يرجح القرطبي قائلا: قلت: وقد احتج بعضهم على أن مالكا أبلغ؛ لأن فيه زيادة حرف، فلقارئه عشر حسنات زيادة عمن قرأ ملك، قلت: هذا نظر إلى الصيغة، لا إلى المعنى، وقد ثبتت القراءة بملك، وفيه من المعنى ما ليس في مالك، على ما بينا، والله أعلم (١).

وفي موضع آخر، يظهر ترجيحه لقراءة متواترة على قراءة أخرى مثلها؛ ففي قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (٢)

وتواتر عن حمزة وحده {لَيْسَ الْبِرَّ} (٣) بالنصب، وقرأ الباقون (ليس البر) بالرفع، وروى حفص عن عاصم مثل قراءة حمزة، ومع ثبوت التواتر للقراءتين- نجد الإمام القرطبي يرجح إحداهما على الأخرى.

فيقول في ذلك: " قرأ حمزة وحفص " البر " بالنصب؛ لأن ليس من أخوات كان، يقع بعدها المعرفتان، فتجعل أيهما شئت الاسم أو الخبر، فلما وقع بعد (ليس)، (البر) نصبه، وجعل (أن تولوا) الاسم، وكان المصدر أولى بأن.


(١) الجامع لأحكام القرآن جـ١/ ١٤٠ - ١٤١.
(٢) سورة البقرة الآية ١٧٧
(٣) سورة البقرة الآية ١٧٧