للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرحمن بن أبي ليلى، وجعفر بن محمد الصادق "، ثم بين أن حمزة لم يأت بهذه القراءة من عند نفسه، بل أخذها عن طريق النقل والسماع، يقول في ذلك: " ولم يقرأ حمزة حرفا من كتاب الله إلا بأثر. وأما حمزة فكان صالحا ورعا ثقة في الحديث وهو من الطبقة الثالثة " (١).

وقد ختم الإمام أبو حيان دفاعه عن تلك القراءات بقوله: " ولسنا متعبدين بقول نحاة البصرة، ولا غيرهم ممن خالفهم، فكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون، وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون، وإنما يعرف ذلك من له استبحار في علم العربية، لا أصحاب الكنانيس، المشتغلون بضروب من العلوم، الآخذون من الصحف دون الشيوخ.

وفي قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} (٢) يقول: " وقرأ ابن عامر نصب (أولادهم)، وجر (شركائهم)، فصل بين المصدر المضاف إلى الفاعل، بالمفعول، وهي مسألة مختلف في جوازها؛ فجمهور البصريين يمنعونها، متقدموهم ومتأخروهم، ولا يجيزون ذلك إلا في ضرورة الشعر، وبعض النحويين أجازها، وهو الصحيح؛ لوجودها في هذه القراءة المتواترة المنسوبة إلى العربي الصريح المحض ابن عامر، الآخذ القرآن عن عثمان بن عفان، قبل أن يظهر اللحن في لسان العرب (٣).

ثم ذكر بعض المفسرين الذين ردوا هذه القراءة وطعنوا فيها، منهم ابن عطية الذي قال: " إنها قراءة ضعيفة في استعمال العرب "؛ متعللا بعدة أمور منها:

١ - إضافة الفعل إلى الفاعل، وهو الشركاء.

٢ - فصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، والفصل بالظروف في مثل هذا لا يجوز إلا في الشعر كقوله:


(١) البحر المحيط ٣/ ١٥٩.
(٢) سورة الأنعام الآية ١٣٧
(٣) البحر المحيط ٤/ ٢٢٩.