للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلوم التي رحل في طلبها فكان حافظ عصره، عالما بكتاب الله تعالى قراءة وتفسيرا، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، مبرزا فيه، وكان إذا قرئ عليه صحيح البخاري ومسلم وموطأ الإمام مالك تصحح النسخ من حفظه، ويملي النكت على المواضع المحتاج إليها، وكان أوحد عصره في النحو واللغة (١).

ومع هذه المكانة العلمية فقد عاش فقيرا، وطلب منه أن يلي خطابة جامع بلده بعد عوده من بلنسية فامتنع من ذلك لأجل مبالغة الخطباء على المنابر في وصف الملوك (٢).

ثم رحل إلى مصر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة لقصد الحج، فقدم الإسكندرية، وهي الرحلة الثانية، وبها أخذ علم الحديث عن محدثها أبي طاهر السلفي المتوفى سنة (٥٧٦ هـ) (٣).

وكان يقول عند دخوله إلى مصر: إنه يحفظ وقر بعير من العلوم، بحيث لو نزلت عليه ورقة أخرى لما احتملها (٤).

وفي هذا النص دليل على أنه ما خرج من بلاد الأندلس إلى المشرق إلا بعد أن استكمل معرفة معظم العلوم الشرعية، وصار يشار إليه بالبنان.

ثم رحل من الإسكندرية إلى القاهرة وهي رحلته الثالثة، وهناك استقبله القاضي عبد الرحيم صاحب المدرسة الفاضلية، وأكرمه وعرف له قدره، وأنزله بمدرسته التي بناها بدرب الملوخية داخل القاهرة، وجعله شيخها


(١) وفيات الأعيان ابن خلكان: ٤/ ٩٧، الديباج ابن فرحون ٢/ ١٥٠.
(٢) البداية والنهاية للحافظ ابن كثير ١٣/ ١١، وفتح المواهب للقسطلاني. مخطوط لوحة: ٩ / أ.
(٣) وفيات الأعيان: ٤/ ٧٢، غاية النهاية ٢/ ٢٠.
(٤) وفيات الأعيان: ٤: ٧٢.