للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل هذه الاحتمالات لا تدفع بها الأحاديث الصحيحة، ولو فتح هذا الباب لما بقي لأحد حجة إلا القليل.

وسلم لكم أنهم عادوا لكن العدد المعتبر في الابتداء معتبر في الدوام عندكم، وقد عدم هنا في الدوام.

وأما كونه أتمها ظهرا: فمن أبطل الباطل؛ لأنه لا يخلو: إما أن يكون الانفضاض وقع وهو في الخطبة، أو وقع وهو في الصلاة فأتمها ظهرا بعد أن نوى جمعة.

وعلى كلا التقديرين: فهذا الاحتمال باطل. أما على الأول؛ فلأنه لو صلاها ظهرا لكان هذا من أشهر الأمور، ولنقل كما نقل حكمه فيما إذا اجتمع عيدان ونحو ذلك، فلما لم ينقل دل على أنه باطل لا أصل له. ولأنه لا يجوز - إذا قلتم باشتراط الأربعين - أن يعطل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمعة بلا عذر، بل كان يأمرهم بردهم ويصلي بهم الجمعة، وهذا باطل قطعا. [٤ / أ]

وأما على الثاني: فباطل أيضا؛ لأنه لو أتمها ظهرا بعد أن دخلها بنية الجمعة لكان هذا من أشهر الأمور التي لا يجوز على الأمة ترك نقلها وحفظها، فلما لم ينقل دل على أنه باطل لا أصل له. .

فإن قيل: فقد روى الدارقطني، والبيهقي - في هذا الحديث - من طريق علي بن عاصم (١)، عن حصين بن عبد الرحمن (٢)، عن سالم بن أبي الجعد (٣)، عن جابر بن عبد الله، قال: «بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبنا يوم الجمعة إذ أقبلت عير تحمل الطعام حتى نزلوا بالبقيع، فالتفتوا إليها وانفضوا إليها،


(١) أبو الحسن أبو صهيب الواسطي التيمي مولاهم صدوق يخطئ ويصر ورمي بالتشييع ت٢٠١ تقريب ٤٠٣.
(٢) أبو الهذيل السلمي الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر ت١٣٦ تقريب ١٧٠.
(٣) ابن رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي، وكان يرسل كثيرا. ت٩٨ تقريب ٢٢٦.