للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو بمكة، ولم يتمكن من إقامتها؛ إن سلم أنها فرضت بمكة.

فعلى هذا: فقد حصلت الهداية بجهتي التوفيق والبيان، على أحد ما قيل / في معنى قوله: فهدانا الله له (١).

[٩ / أ]

قالوا: قد روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه «إذا اجتمع أربعون رجلا فعليهم الجمعة (٢)».

قلنا: هذا الحديث باطل لا أصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث (٣). ولو صح لما كان فيه حجة أصلا، لأنا نقول بموجبه.

قالوا: قال أبو أمامة رضي الله عنه: لا جمعة إلا بأربعين.

قلنا: دعوا (٤) التشبث بالواهيات والأباطيل، فلا يعرف ذلك عن أبي أمامة أصلا، بل قد جاء عنه خلافه، كما تقدم من رواية الدارقطني. فإن كان هذا الحديث المنكر الذي لا يعرف أصلا حجة فلتكن الحجة بحديثه المنكر الساقط: على الخمسين جمعة ليس في ما دون ذلك. كما تقدم من رواية الدارقطني.

قالوا: التقدير بالثلاثة والأربعة والاثنان تحكم بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه؛ لأن التقدير بابه التوقيف.

قال لهم كل من قال بذلك: اشتراطكم الأربعين العقلاء الحاضرين الذكور الأحرار هو التحكم بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه، وهو إسقاطكم الجمعة عما دون الأربعين بعد أن أوجبها الله على عموم المؤمنين. فإن هذا هو التحكم بالرأي الذي لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس صحيح.


(١) ينظر: ابن حجر فتح الباري ٢/ ٣٥٥ - ٣٥٦.
(٢) رواه سليمان بن طريف، عن مكحول، عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أورده الرافعي في الشرح الكبير كما في ضوء الشمعة للسيوطي (الحاوي ١/ ٧١).
(٣) قال ابن الملقن في الخلاصة ١/ ٢١٠: غريب. وقال ابن حجر في التلخيص ٢/ ٥٦: لا أصل له.
(٤) (ط): دعوى. تحريف.