للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي السنوات الأخيرة من القرن الثالث عشر الهجري. . فكر السلطان عبد الحميد في قيام الجامعة الإسلامية، يدفعه إلى ذلك أسباب من أهمها: أن دولة الخلافة العثمانية كانت تمر في ذلك الوقت بأسوأ مراحل تاريخها. . ولم تعد تعرف باسم " الرجل المريض " فحسب. . بل وصلت إلى مرحلة " الرجل المحتضر ".

فتلك دول أوربا تقتطع أجزاء من أملاكها في آسيا وأوربا. . وهذه ثورات وفتن تجتاح البلاد والشعوب التابعة للدولة العثمانية. . ثم بعد هذا. . فإن نفوذها على العالم الإسلامي بدأ ينكمش، ودورها القيادي أخذ يتقلص.

ووسط هذه الدوامة من الأحداث التي هزت كيان الدولة العثمانية. . رأى السلطان عبد الحميد أن يلعب دورا؛ ربما يؤدي إلى إقالة دولته من عثرتها. . وإحياء نفوذها مرة أخرى على البلاد الإسلامية التابعة لها.

وقد رأى استغلال الوازع الديني في هذه البلاد ليقيم عليه مشروعا يحيي به الخلافة الإسلامية في الأستانة مرة أخرى (١). من هنا كانت دعوة السلطان عبد الحميد لقيام فكرة " الجامعة الإسلامية " كرابطة دينية تجمع المسلمين في شتى العالم بعامة وفي المشرق الإسلامي بخاصة في جبهة واحدة. وهذه الجبهة تعمل تحت قيادة الخلافة في الأستانة " لتستظل بظلها، ولتعتصم بأمنها " (٢).

وكان السلطان عبد الحميد وهو يخطط لفكرة الجامعة الإسلامية، يأمل في نجاحها لتعود له السيطرة على العالم الإسلامي وليكسب من وراء ذلك مكاسب سياسية على حساب الدين. ولماذا لا تنجح دعوته في تجميع المسلمين؟ لقد نجحت دعوات أخرى مماثلة قامت في مناطق تدين بالطاعة والولاء للخلافة العثمانية، ومع ذلك انتشرت وتوسعت وتجمع الناس حولها (٣).


(١) لوثورب ستودارد: حاضر العالم الإسلامي جـ ١ ص ٢٧٠ وما بعدها.
(٢) لوثورب ستودارد: حاضر العالم الإسلامي جـ ١ ص ٢٧٠ وما بعدها.
(٣) Mahmoud، S. F. O؛ Study in contemporary Islam p. ٧٣