للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجلا بمال إذا فلس الواعد لا يضرب للموعود بالوعد مع الغرماء، ولا يكون مثل ديونهم اللازمة بغير الوعد، حكى الإجماع على هذا ابن عبد البر، كما نقله عنه القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة، وفيه مناقشة. وحجة من فرق بين إدخاله إياه في ورطة بالوعد فيلزم، وبين عدم إدخاله إياه فيها فلا يلزم أنه إذا أدخله في ورطة بالوعد ثم رجع في الوعد وتركه في الورطة التي أدخله فيها فقد أضر به وليس للمسلم أن يضر بأخيه لحديث «لا ضرر ولا ضرار (١)». وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: قال مالك: إذا سأل الرجل الرجل أن يهب له الهبة فيقول له: نعم، ثم يبدو له ألا يفعل فما أرى يلزمه، قال مالك ولو كان ذلك في قضاء دين فسأله أن يقضيه عنه فقال: نعم وثم رجال يشهدون عليه فما أحراه أن يلزمه إذا شهد عليه اثنان.

وقال أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي وسائر الفقهاء: أن العدة لا يلزم منها شيء، لأنها منافع لمقبضها في العارية لأنها طارئة، وفي غير العارية هي أشخاص وأعيان موهوبة لم تقبض فلصاحبها الرجوع فيها، وفي البخاري {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} (٢) مريم: آية (٥٤) وقضى ابن أشوع بالوعد، وذكر ذلك عن سمرة بن جندب، قال البخاري: ورأيت إسحاق بن إبراهيم يحتج بحديث ابن أشوع اهـ. كلام القرطبي، وكلام البخاري الذي ذكر القرطبي بعضه، هو قوله في آخر كتاب " الشهادات ": باب من أمر بإنجاز الوعد وفعله الحسن {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} (٣) وقضى ابن الأشوع بالوعد، وذكر ذلك عن سمرة وقال المسور بن مخرمة: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر صهرا له، قال: وعدني فوفى لي، (٤)» قال أبو عبد الله: ورأيت إسحاق بن إبراهيم يحتج بحديث ابن أشوع: حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أخبره قال أخبرني أبو سفيان: أن هرقل قال له: «سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه أمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة قال: وهذه


(١) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٤٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٢٧).
(٢) سورة مريم الآية ٥٤
(٣) سورة مريم الآية ٥٤
(٤) صحيح البخاري فرض الخمس (٣١١٠)، سنن أبو داود النكاح (٢٠٦٩).