عندئذ ملزما لصاحبه (شرح العلامة علي الحيدر على المجلة) وذلك فيما يظهر اجتنابا لتغرير الموعود بعد ما خرج الوعد مخرج التعهد وقد قال ابن نجيم في الحظر والإباحة من الأشباه جـ ٢ ص ١١٠ لا يلزم الوعد إلا إذا كان معلقا. وعلى هذا قرر الفقهاء أنه لو قال شخص لآخر: بع هذا الشيء من فلان وإذا لم يعطك فأنا أعطيك فلم يعطه المشتري الثمن بعد المطالبة التزم القائل، وكذا لو باع شيئا بغبن فاحش فقال المشتري للبائع المغبون إذا رددت إلي الثمن فسخت لك البيع كان هذا الوعد ملزما ويصبح البيع كبيع الوفاء الذي هو في معنى الرهن - إلى أن قال - وفي الاجتهاد المالكي أربعة آراء فقهية حول لزوم الوعد وعدم لزومه قضاء، والمشهور من هذه الآراء أنه يعتبر الوعد بالعقد ملزما للواعد قضاء إذا ذكر فيه سببا ودخل الموعود تحت التزام مالي بمباشرة ذلك السبب بناء على الوعد، وذلك كما لو وعد شخص آخر بأن يقرضه مبلغا من المال بسبب عزمه على الزواج ليدفعه مهرا أو ليشتري به بضاعة فتزوج الموعود أو اشترى البضاعة ثم نكل الواعد عن القرض، فإنه يجبر قضاء على تنفيذ وعده (الفروق للقرافي جـ ٤ ص ٢٤ - ٢٥ ورسالة الالتزام للحطاب وهي منشورة في الجزء الأول من فتاوى الشيخ عليش بحث مسائل الالتزام) وهذا وجيه جدا فإنه بنى الالتزام على فكرة دفع الضرر الحاصل فعلا للموعود من تغرير الواعد فهو أوجه من الاجتهاد الحنفي الذي بنى الالتزام على الصور اللفظية للوعد هل هي تعليقية أو غير تعليقية، فإن التعليق وعدمه لا يغير شيئا من حقيقة الوعد اهـ. وجاء في حاشية المدخل للزرقاء قوله: وقال أصبغ من فقهاء المالكية: يكفي للإلزام بالوعد ذكر السبب من زواج أو بناء أو غيرهما ولو لم يباشر الموعود. اهـ.
ونظرا إلى أن جمهور القائلين بالالتزام بالوعد على تفصيل بينهم هم فقهاء المذهب المالكي، وقد كتب أبو عبد الله محمد عليش في الموضوع بحثا قيما مستفيضا تكلم فيه عن الوعد وأقسامه وحكم كل قسم مستعرضا في ذلك نصوص فقهاء مذهبه - المذهب المالكي - وذلك في كتابه فتح العلي المالك المشهور بفتاوى عليش وذلك في الجزء الأول ص ٢٥٤ - ٢٥٨ رأيت أن هذا