للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك عن رجل كانت تحته امرأة فخطب أختها لابنه فقالت له عمتها على صداق أختها فقال لن أقصر بها إن شاء الله تعالى فزوجوه ثم إن الابن طلقها قال: أيقر هو بذلك؟ قال: نعم، قد قلت هذا القول ووعدتهم ولم أوجب على نفسي صداقا فرأيته يراه عليه وقال مرة فيصطلحوا وكأنه يراه عليه تشبيها، ويجاب ولم يبينه، قال ابن القاسم: أرى ذلك عليه إذا زوجوه على ذلك كأنه إنما تزوج على المكافأة قال سحنون مثله قال محمد بن رشد: أما إذا كان قولهم قد زوجناك جوابا لقوله لن أقصر بها عن صداق أختها فبين أن ذلك يلزمه كما قال ابن القاسم لأنه بمنزلة أن لو قال له نزوجك على أن لا تقصر بها عن صداق أختها. وأما إن انقطع ما بين الكلامين فالأمر محتمل والأظهر إيجاب ذلك عليه كما ذهب إليه مالك، وإن كان لم يبينه لأن ذلك أقوى من العدة الخارجة على سبب، وفي التفسير ليحيى عن ابن القاسم أنه يحلف أنه ما أراد إيجاب ذلك على نفسه ولا يلزمه شيء فإن لكل غرم نصف الصداق ووجه ذلك أنه رأى قوله لن أقصر بها إن شاء الله عدة لا تلزم فلم يلزمه شيء إذا حلف أنه لم يرد إيجاب ذلك على نفسه، وحلف بالتهمة دون تحقيق الدعوى ولذلك لم ترد اليمين وذلك فقوله على القول بلحوق يمين التهمة وأنها لا ترجع، وقد اختلف في الوجهين. انتهى والله تعالى أعلم (١). ١١ - وفي الفروق للقرافي الفرق الرابع عشر بعد المائتين بحث مستفيض في مسألة الوعد وحكم الإلزام به، وقد تعقبه ابن الشاط في بعض آرائه في ذلك في حاشيته على الفروق (٢) وحيث إن البحث والمناقشة قد لا تخرج عما ذكره عليش في النقل المتقدم عنه رحمه الله فقد رأيت الاكتفاء بلفت النظر إليه لمن يرغب الاستزادة من كلام أهل العلم في ذلك دون نقله اجتنابا للتكرار.


(١) فتح العلي المالك - فتاوى عليش - جـ١ ص٢٥٤ - ٢٥٨.
(٢) أنوار الشروق على أنوار الفروق لابن الشاط حاشية على الجزء الرابع من الفروق ص ٢١.