للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه- سنة سبع من الهجرة حين رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من خيبر (١).

وسواء قلنا أن أول صدقة في الإسلام هي صدقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو صدقة عمر بن الخطاب، فالوقف في الإسلام نوع من أنواع الصدقات التي رغب الشارع فيها وندب إليها وهو قربة من القرب التي يتقرب بها العبد إلى ربه ولا فرق في ذلك بين الوقف على جهة عامة كالفقراء وطلبة العلم ونحو ذلك أو الوقف على القرابة والذرية، إلا أن السلف الأول من هذه الأمة يفضلون أن يكون آخره للمساكين.

وقد توالت أوقاف الصحابة الكرام لا يبتغون من ذلك إلا مرضاة الله تعالى، والتقرب إليه واستمر الناس من بعدهم يقفون أموالهم تقربا إلى الله تعالى.

إلا أنه ظهر في آخر عصر الصحابة اتخاذ الوقف طريقا لحرمان بعض البنات من نصيبهن، حتى لقد صاحت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- باستنكار ذلك، فكانت تقول: (ما وجدت للناس مثلا اليوم في صدقاتهم إلا كما قال الله عز وجل: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ} (٢) الأنعام (١٣٩)، والله انه ليتصدق الرجل الصدقة العظيمة على ابنته فترى غضارة صدقته عليها وترى ابنته الأخرى وإنه لتعرف عليها الخصاصة لما حرمها من صدقته (٣).

ولقد هم عمر بن عبد العزيز أن يرد صدقات الناس التي أخرجوا منها النساء ولكن المنية عاجلته قبل أن ينفذ ذلك.

ولقد كثرت الأوقاف في العصر الأموي كثرة عظيمة بمصر والشام وغيرهما من البلاد المفتوحة بسبب ما أغدقه الله على المسلمين بعد الفتوحات


(١) انظر نيل الأوطار (٦/ ٢٦)، الوقف والوصايا للدكتور أحمد الخطيب (ص / ٤١).
(٢) سورة الأنعام الآية ١٣٩
(٣) انظر المدونة الكبرى (٦/ ١٠٦).