للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له: في ماذا؟ قال في إبطال أحباس المسلمين، ثم كتب للمهدي كتابا جاء فيه: (إنك وليتنا رجلا يكيد سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا مع أنا ما علمناه في الدينار- والدرهم إلا خيرا) فكتب أمير المؤمنين بعزله (١).

وقد وجدنا في كتاب الأم للشافعي وثيقة وقف كتبت في حياته (٢) يستفاد منها أن الأحباس في ذلك الوقت وهو القرن الثاني وأول القرن الثالث تشبه في شروطها ومصارفها الأحباس في القرن الرابع عشر الهجري، وإن كانت عبارات الأقدمين فيها شيء من التكرار والبسط في العبارات ولكن المعنى واحد، وقد ورد في تلك الوثيقة بصريح اللفظ حرمان أولاد البنات وقصر الانتفاع على أولاد الصلب.

وقد كانت الأوقاف في مصر خاصة تقتصر على الدور والرباع، ولكن الأمر لم يستمر بل اتجه إلى وقف الأراضي والبساتين واتسع هذا الأمر في عهد المماليك، وقد كثرت الأحباس كثرة ملحوظة واتسع نطاقها، مما كان سببا في أن يجعل للأوقاف ثلاثة دواوين: ديوان لأحباس المساجد، وديوان لأحباس الحرمين الشريفين وجهات البر الأخرى المختلفة، وديوان للأوقاف الأهلية (٣).

وقد كانت أكثر الأوقاف في البلاد الإسلامية تسير على مقتضى تأبيد الوقف فيبقى الوقف جيلا بعد جيل وقد تجهل مصارفه والولاية عليه بمرور الزمن وترادف الحوادث المختلفة.

وقد اتخذ بعض الولاة من هذا ومن جواز استبدال الوقف طريقا للاستيلاء عليها باسم الاستبدال.

وقد عاونهم على ذلك بعض فسقة القضاة والشهود وكان هذا في القرن السابع والثامن وما يليه وبذلك صارت الأوقاف نهبا مقسما.


(١) انظر أخبار القضاة لوكيع (٣/ ٢٣٦)
(٢) انظر الأم للشافعي (٤/ ٥٩)، محاضرات في الوقف لأبي زهرة (ص / ٩)
(٣) انظر محاضرات في الوقف لأبي زهرة (ص / ١٤).