للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا يقول السائح (دولوير) في كتابه الذي نشره سنة ١٦٥٤ (ص ١٨٩ - ١٩٠): (ولم تنحصر خيرات المسلمين في الأحياء فقط بل امتدت إلى الأموات، وشجعت الدولة العثمانية إقامة بيوت الضيافة التي يستفيد منها كل إنسان مهما كان دينه وتقدم فيها الخدمة لكل من يأتيها حسب حاجته لمدة ثلاثة أيام،، وينشئ بعض الأتراك على جوانب الطرق العيون الجارية لسقاية المسافرين).

ويسهب بعد ذلك في بيان كثير من الأمور التي كان يفعلها الأتراك على سبيل الصدقة والقربة ممتدحا تلك الأعمال.

وقد توالت بعد ذلك القوانين والأنظمة الخاصة بالوقف منذ العهد العثماني إلى يومنا هذا.

وتعرض الوقف خلال تلك الفترة إلى حملات واسعة تهدف إلى إلغائه وخاصة الأهلي منه.

ففي القرن الثامن فكر (برقوق أتابك) بإبطال الأوقاف الأهلية، وقد عقد مجلسا من العلماء لاستفتائهم في ذلك.

ويرى البعض أن فكرة برقوق كانت تقتصر على إبطال أوقاف الأمراء السابقين (١) فقط أما في العصر الحاضر فقد كان موضوع إلغاء الوقف الذري مدار جدل محتدم بين مؤيد ومعترض.

وحجة مؤيدي الإلغاء أنه يساعد على البطالة والتسكع بين المستفيدين.

وعند النظرة الأولى لهذه الحجة نجد أنها مقبولة في ظاهر الأمر، ولكن عند إمعان النظر والتركيز على الأسباب الحقيقية لهذه الدعوى نجد أنها


(١) انظر أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية للكبيسي (١/ ٤٦ - ٤٧).