فهذا بحث قصير عن نظام تعدد الزوجات في الإسلام، وتعدد الزوجات موضوع هام وحساس اشتد حوله الجدل كثيرا، وما زال وسيبقى إلى ما شاء الله. وهذا النظام الاجتماعي الإسلامي مثار نقد وطعن ومادة للهجوم علي الإسلام والمسلمين عند الغربيين وعند من تأثر بأفكارهم. وهؤلاء جميعا يحاولون دائما أن يوهموا الناس أن الدين الإسلامي هو الذي أتى بتعدد الزوجات وأن التعدد يكاد يكون مقصورا على الأمم التي تدين بالإسلام، وأن تعدد الزوجات لا تقوم له قائمة إلا لدى الشعوب المتأخرة في ميدان الحضارة والمدنية.
والحقيقة أن هذا النظام كان سائدا قبل ظهور الإسلام في شعوب كثيرة متحضرة وغير متحضرة، مثل الصينيين والهنود والفرس والمصريين القدماء والعبريين والعرب والشعوب الجرمانية والسكسونية التي ينتمي إليها سكان أوربا الشرقية والغربية مثل: ألمانيا والنمسا وسويسرا وتشيكوسلوفاكيا والسويد وإنجلترا وبلجيكا وهولندا والنرويج. وما زال هذا النظام منتشرا في الوقت الحاضر في بلاد الهند والصين واليابان وإفريقيا (١).
والإسلام لم ينشئ نظام تعدد الزوجات ولم يوجبه على المسلمين خاصة،
(١) علي عبد الواحد وافي: قصة الزواج والعزوبة، القاهرة ١٣٩٥هـ ص ٥٢.