للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا، عوفي من ذلك البلاء (١)»

قالوا: ظاهر هذا الحديث يدل على أنه لا يشرع السجود عند رؤية المبتلى (٢)، وإنما يشرع له أن يقول هذا الذكر الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

ويمكن أن يجاب عن استدلالهم بهذا الحديث بأنه ليس في الحديث ما يدل على عدم مشروعية سجود الشكر عند رؤية المبتلى، وإنما فيه الندب إلى أن يقول هذا الذكر عند رؤيته، فقد يقال: إنه يندب له في هذه الحال أن يقول هذا الذكر استدلالا بهذا الحديث، ويندب له أيضا أن يسجد استدلالا بالأحاديث التي ذكرت ضمن أدلة القول الأول، أو يقول هذا الذكر أثناء سجوده للشكر (٣).

واستدل أصحاب القول الأول بما يلي:

الدليل الأول: ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعا، قال: «مر رجل بجمجمة إنسان، فحدث نفسه، فخر ساجدا (٤)». . .

الدليل الثاني: ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به


(١) رواه الترمذي (٣٤٣٢)، والطبراني في كتابه الدعاء (٧٩٩) من طريق مطرف بن عبد الله المدني عن عبد الله بن عمر العمري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة فذكره، ورجاله ثقات، عدا عبد الله العمري وهو "ضعيف" كما في التقريب، وسهيل بن أبي صالح "صدوق تغير حفظه بآخره " كما في التقريب. ورواه الطبراني في الموضع السابق (٨٠٠) من طريق عبد الله بن جعفر المدني عن سهيل بن أبي صالح به، وعبد الله بن جعفر "ضعيف، يقال: تغير حفظه بآخره " كما في التقريب. ورواه الطبراني في الموضع السابق (١١٧٠)، أبو نعيم في الحلية ٥/ ١٣، وفي أخبار أصبهان ١/ ٢٧١ من طرق عن مروان بن محمد الطاطري ثنا الوليد بن عتبة عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر فذكره، ورجاله ثقات، عدا الوليد بن عتبة، وقد قال فيه البخاري في تاريخه الكبير ٨/ ٥١: "معروف الحديث ". فالحديث بهذه الطرق حسن إن شاء الله، وقد حسنه المنذري في الترغيب، والهيثمي قي المجمع ١٠/ ١٣٨، وحسنه أيضا الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في تعليقه على جامع الأصول ٤/ ٣٣٢، وذكره الشيخ محمد ناصر الدين في السلسلة الصحيحة ٢/ ١٥٣ - ١٥٦، وذكر له، طرقا أخرى فيها شيء من الاضطراب.
(٢) انظر الفروع ١/ ٥٠٥.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ينظر شرح المنتهى ١/ ٢٤٠، غاية المنتهى ١/ ٥٩٠.