كتاب مجلة البحوث الإسلامية

المبحث الرابع صفة سجود الشكر وكيفيته - المسألة الأولى هل يجب لسجود الشكر تكبير في أوله أو في آخره - ج: 36 - ص: 294

ويمكن أن يجاب عن هذا الدليل بأن الصحيح أن السجود المجرد ليس بصلاة (١) فلا يجب فيه ما يجب في الصلاة.

ويمكن أن يستدل لهذا القول كذلك بما ذكره بعض العلماء في سجود التلاوة من أنه سجود مفرد، فيجب التكبير إذا سجد وإذا رفع، قياسا على السجود للسهو بعد السلام (٢).

ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن السجود للسهو بعد السلام تابع للصلاة، فيجب فيه ما يجب في سجود الصلاة، أما السجود المجرد فليس تابعا للصلاة، فالقياس غير صحيح.

ويمكن أن يستدل لهذا القول أيضا بقياس سجود الشكر على سجود التلاوة، فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا (٣)»

---

(١) وقد سبق الكلام على هذه المسألة في المبحث الثالث.
(٢) المغني ٢/ ٣٦٠، المبدع ٢/ ٣١، كشاف القناع ١/ ٤٤٨.
(٣) رواه عبد الرزاق: (٥٩١١)، من طريق أبي داود (١٤١٣)، ومن طريقهما البيهقي ٢/ ٣٢٥ عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به، وعبد الله بن عمر هذا هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو ضعيف كما في التقريب، فالحديث بهذا الإسناد ضعيف، وقال النووي في المجموع ٤٠/ ٥٨، ٦٤: "إسناد ضعيف "، وقال الحافظ في البلوغ ص ٧١: "رواه أبو داود بسند فيه لين"، وانظر الإرواء ٢/ ٢٢٤، ٢٢٥، رقم (٤٧٢). ورواه ابن حبان (كما في الإحسان٢٧٤٩)، الحاكم ١/ ٢٣٢ من طريق عبيد الله بن عمر بن نافع به دون ذكر موضع الشاهد من الحديث، وهو قوله "كبر" وعبيد الله هذا هو أخو عبد الله بن عمر المذكور في الإسناد السابق، وعبيد الله ثقة من رجال الصحيحين. وقد روى هذا الحديث أيضا البخاري (١٠٧٦)، ومسلم ٥/ ٧٤ من طريق عبيد الله عمر عن نافع به بنحو رواية ابن حبان والحاكم السابقة. (تنبيه): يفهم من كلام ابن الملقن رحمه الله في البدر المنير (جـ٣، ص ١٠ من مخطوطة تركيا)، والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير ٢/ ٩، والإمام الشوكاني في نيل الأوطار ٣/ ١٢٦ أن في رواية الحاكم في المستدرك لهذا الحديث ذكر التكبير كما في رواية عبد الرزاق، وقد تمت مراجعة هذا الحديث في ثلاث نسخ خطية لكتاب المستدرك، وليس فيها كلها ذكر التكبير في هذا الحديث، وكذلك ليس في المستدرك المطبوع ذكر التكبير كما سبق، وأيضا فليس للتكبير ذكر عند جميع من خرج رواية عبيد الله بن عمر لهذا الحديث، كالبخاري ومسلم وابن حبان وهذا كله يدل على أن القول بأن في رواية الحاكم ذكر التكبير وهم من ابن الملقن رحمه الله تبعه فيه الحافظ ابن حجر وتبعهما في ذلك الإمام الشوكاني. والله أعلم.