كتاب مجلة البحوث الإسلامية

المبحث الرابع صفة سجود الشكر وكيفيته - المسألة الثالثة هل يجب في سجود الشكر تشهد أو سلام - ج: 36 - ص: 298

القول الرابع: أنه يجب في سجود الشكر تشهد وسلام، وهذا القول وجه في مذهب الشافعية (١).

ويمكن أن يستدل لهذا القول بأن سجود الشكر صلاة، فيجب فيه ما يجب في الصلاة من التشهد والسلام.

ويمكن مناقشة هذا الدليل بما نوقش به الدليل الأول للقول الثالث.

ويمكن أن يستدل له بالقياس على سجود السهو، فقد روي «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تشهد بعد سجود السهو ثم سلم (٢)»

ويمكن أن يجاب عن هذا الدليل بأن الأحاديث التي ذكر فيها التشهد بعد سجود السهو قد تكلم أهل العلم فيها كلها، وعلى فرض صحتها فإن سجود السهو تابع للصلاة، بخلاف سجود الشكر، فلا يصح قياس أحدهما على الآخر.

والراجح في هذه المسألة هو القول الأول، وهو أنه لا يجب في سجود

---

(١) المجموع ٤/ ٦٨، وانظر تهذيب سنن أبي داود ١/ ٥٣.
(٢) روى أبو داود (١٠٣٩)، والترمذي (٣٩٥) وابن الجارود (٢٤٧) والحاكم ١/ ٣٢٣، وابن المنذر في الأوسط ٣/ ٣١٦، ٣١٧ رقم (١٧١٢)، وابن حبان (موارد الظمآن ٥٣٦)، وابن خزيمة (١٠٦٢) والبيهقي ٢/ ٣٥٥ من طريق أشعث بن عبد الملك الحمراني عن ابن سيرين عن خالد الحداء عن أبي قلابة عن أبي الملهب عن عمران بن حصين فذكره، ورجاله ثقات، وقال الشيخ محمد ناصر الدين في الارواء ٢/ ١٣٠ "ضعيف شاذ". وله شاهد رواه الإمام أحمد ١/ ٤٢٨ وأبو داود (١٠٢٨)، والنسائي وسننه الكبرىكما في التحفة (٩٦٠٥)، والبيهقي ٢/ ٣٥٥، من طريق محمد بن سلمة عن خصيف عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسناده ضعيف، "خصيف " سيئ الحفظ، وقد اختلط بآخره كما في التقريب "وأبو عبيدة" لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وروى البيهقي في الموضع السابق من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثني الشعبي عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو. وإسناده ضعيف لسوء حفظ ابن أبي ليلى. وقال الحافظ في الفتح ٣/ ٩٨، ٩٩ بعد ذكره للأحاديث السابقة وما فيها من ضعف، قال: "قد يقال: إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن، قال العلائي: وليس ذلك ببعيد، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله، أخرجه ابن أبي شيبة.