للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمكن مناقشة هذه الأدلة بأنها لا تفيد أن هذه السجدة سجدة تلاوة، وإنما تدل على مشروعية السجود عند قراءتها فقط، فيكون السجود فيها سجود شكر، كما هو صريح في حديث ابن عباس (١)، وأيضا فإن في إسناد حديث عمرو بن العاص ضعفا كما سبق.

والصحيح في هذه المسألة هو القول الأول، لقوة أدلته، وكونها نصا في محل النزاع، لا سيما حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ولأن في هذا القول جمعا بين الأدلة، والجمع بين الأدلة أولى من قبول بعضها ورد بعضها، والله أعلم.

أما حكم السجود عند قراءة هذه الآية في أثناء الصلاة: فعلى القول بأنها سجدة تلاوة يستحب السجود عند قراءتها.

أما على القول بأنها سجدة شكر، وهو القول الصحيح كما سبق، فقد اختلف أصحاب هذا القول في جواز السجود في هذه الحال على قولين:

القول الأول: أنه يجوز السجود عند قراءتها في أثناء الصلاة، وهذا القول وجه في مذهب الشافعية (٢)، ووجه في مذهب الحنابلة (٣).

ويمكن أن يستدل لهذا القول بما رواه أبو رافع -رحمه الله- قال: "صليت مع عمر الصبح فقرأ بـ (ص) فسجد فيها".

القول الثاني: أنه لا يجوز السجود بها في أثناء الصلاة، وهذا القول هو


(١) المغني ٢/ ٣٥٥، شرح الزركشي ١/ ٦٣٦، وقد سبق ذكر حديث ابن عباس قريبا.
(٢) المجموع ١/ ٦٨، روضة الطالبين ١/ ٣٣٥، نهاية المحتاج ٢/ ٩٥.
(٣) شرح الزركشي ٢/ ٦٣٦.