للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المصنف - رحمه الله -:

(فصل)

يجوز فسخ عقد السلم بالإقالة لأن الحق لهما، فجاز لهما الرضا بإسقاطه، فإذا فسخا أو انفسخ بانقطاع الثمرة في أحد القولين أو بالفسخ في القول الآخر رجع المسلم إلى رأس المال فإن كان باقيا وجب رده، وإن كان تالفا، ثبت بدله في ذمة المسلم إليه، فإن أراد أن يسلمه في شيء آخر لم يجز لأنه بيع دين بدين، وإن أراد أن يشتري به عينا نظرت فإن كان تجمعهما علة واحدة في الربا، كالدراهم بالدنانير والحنطة بالشعير لم يجز أن يتفرقا قبل القبض كما لو أراد أن يبيع أحدهما بالآخر عينا بعين، وإن لم تجمعهما علة واحدة في الربا كالدراهم بالحنطة والثوب بالثوب ففيه وجهان. أحدهما يجوز أن يتفرقا من غير قبض كما يجوز إذا باع أحدهما بالآخر عينا بعين أن يتفرقا من غير قبض، والثاني لا يجوز، لأن المبيع في الذمة فلا يجوز أن يتفرقا قبل قبض عوضه كالمسلم فيه، والله تعالى أعلم.

الشرح - الأحكام: الإقالة فسخ وليست ببيع على المشهور من المذهب سواء كان قبل القبض وبعده، وبه قال أبو حنيفة - رحمه الله - لأنه يقول: هي بيع في حق غير المتعاقدين، فثبتت بها الشفعة، وقال أبو يوسف - رحمه الله -: إن كان قبل القبض فهي فسخ، وإن كان بعد القبض فهي بيع، وقال مالك - رحمه الله -: هي بيع بكل حال.

وحكى القاضي أبو الطيب أنه قول قديم للشافعي - رحمه الله -، وأما أبو حامد فحكاه وجها لبعض أصحابنا، دليلنا أن المبيع عاد إلى البائع بلفظ لا ينعقد به البيع فكان فسخا كالرد بالعيب، إذا ثبت هذا فإن أسلم رجل إلى غيره شيئا في شيء ثم تقايلا في عقد السلم صح، وقد وافقنا مالك - رحمه الله - على ذلك وهذا من أوضح دليل على أن الإقالة فسخ، لأنها