للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غيره، فأما إن أعطاه من جنس ما أسلم فيه خيرا منه أو دونه في الصفات جاز، لأن ذلك ليس ببيع، إنما هو قضاء للحق مع تفضل من أحدهما.

قال ابن القيم - رحمه الله - في تهذيب السنن على حديث من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره (١) اختلف الفقهاء في حكم هذا الحديث، وهو جواز أخذ غير المسلم فيه عوضا عنه وللمسألة صورتان إحداهما: أن يعاوض عن المسلم فيه مع بقاء عقد السلم، فيكون قد باع دين السلم قبل قبضه.

والصورة الثانية: أن ينفسخ العقد بإقالة أو غيرها، فهل يجوز أن يصرف الثمن في عوض آخر غير المسلم فيه؟

فأما المسألة الأولى: فمذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد - في المشهور عنه - أنه لا يجوز بيعه قبل قبضه، لا لمن هو في ذمته ولا لغيره، وحكى بعض أصحابنا ذلك إجماعا، وليس بإجماع، فمذهب مالك جوازه وقد نص عليه أحمد في غير موضع، وجوز أن يأخذ عوضه عرضا بقدر قيمة دين السلم وقت الاعتياض ولا يربح فيه.

وطائفة من أصحابنا خصت هذه الرواية بالحنطة والشعير فقط، كما قال في المستوعب: ومن أسلم في شيء لم يجز أن يأخذ من غير جنسه بحال في إحدى الروايتين، والأخرى: يجوز أن يأخذ ما دون الحنطة من الحبوب كالشعير ونحوه بمقدار كيل الحنطة لا أكثر منها ولا بقيمتها نص عليه في رواية أبي طالب إذا أسلفت في كيل حنطة فأخذت شعيرا فلا بأس وهو دون حقك، ولا يأخذ مكان الشعير حنطة.

وطائفة ثالثة من أصحابنا: جعلت المسألة رواية واحدة وإن هذا النص بناء على قوله في الحنطة والشعير إنهما جنس واحد، وهي طريقة


(١) ص ١١١ - ١١٨ ج ٣.