(فرع) قال الشيخ أبو حامد في تعليقه في آخر باب بيع الطعام قبل أن يستوفي: إذا باع طعاما بثمن مؤجل فحل الأجل فأخذ بالثمن طعاما جاز عندنا، قال الشافعي: وقال مالك: لا يجوز لأنه يصير في معنى بيع طعام بطعام مؤجل، دليلنا أنه إنما يأخذ منه الطعام بالثمن الذي له عليه لا بالطعام وهذا الذي جزم به أبو حامد تفريعا على الصحيح وهو الاستبدال عن الثمن، وقد صرح بهذا جماعة منهم القاضي أبو الطيب في تعليقه قال صاحب البيان قال الصيمري والعبيدلاني: فلو أراد أن يأخذ ثمن الدين المؤجل عوضا من نقد وعرض قبل حلوله لم يصح (أما) تقديم الدين نفسه فيجوز لأنه لا يملك المطالبة به قبل الحلول فكأنه أخذ العوض عما لا يستحقه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال المصنف - رحمه الله -: (والقبض فيما ينقل النقل لما روى زيد بن ثابت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (١)» وفيما لا ينقل كالعقار والثمر قبل أوان الجذاذ التخلية لأن القبض ورد به الشرع وأطلقه فحمل على العرف، والعرف فيما ينقل النقل وفيما لا ينقل التخلية).
(الشرح) أما حديث زيد فسبق بيانه قريبا في فرع مذاهب العلماء في بيع المبيع قبل القبض وفي التجار لغتان - كسر التاء مع تخفيف الجيم. وضمها مع التشديد، والجذاذ - بفتح الجيم وكسرها - (أما) الأحكام فقال أصحابنا: الرجوع في القبض إلى العرف وهو ثلاثة أقسام (أحدها) العقار والثمر على الشجرة تقبضه بالتخلية (والثاني) ما ينقل في العادة كالأخشاب والحبوب والحيتان ونحوها فقبضه بالنقل إلى مكان لا اختصاص للبائع به سواء نقل إلى ملك المشتري أو موات أو شارع أو مسجد أو غيره. وفيه قول حكاه الخراسانيون أنه يكفي فيه التخلية وهو مذهب أبي حنيفة (والثالث) ما يتناول باليد كالدراهم والدنانير والمنديل
(١) صحيح البخاري البيوع (٢١٢٤)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٦)، سنن النسائي البيوع (٤٦٠٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك البيوع (١٣٣٧)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٩).