للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطعام حتى يجري فيه صاعان صاع البائع وصاع المشتري (١)» ونحوه للبزار من حديث أبي هريرة بإسناد حسن، وفي ذلك دلالة على اشتراط القبض في المكيل بالكيل وفي الموزون بالوزن، فمن اشترى شيئا مكايلة أو موازنة فقبضه جزافا فقبضه فاسد وكذا لو اشترى مكايلة فقبضه موازنة وبالعكس، ومن اشترى مكايلة وقبضه ثم باعه لغيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا، وبذلك كله قال الجمهور وقال عطاء يجوز بيعه بالكيل الأول مطلقا وقيل إن باعه بنقد جاز بالكيل الأول وإن باعه بنسيئة لم يجز الأول.

والأحاديث المذكورة ترد عليه وفي الحديث مشروعية تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة وإقامة الإمام على الناس من يراعي أحوالهم في ذلك والله أعلم، وقوله جزافا مثلثة الجيم والكسر أفصح وفي هذا الحديث جواز بيع الصبرة جزافا سواء علم البائع قدرها أم لم يعلم، وعن مالك التفرقة فلو علم لم يصح وقال ابن قدامة: يجوز بيع الصبرة جزافا لا نعلم فيه خلافا إذا جهل البائع والمشتري قدرها فإن اشتراها جزافا ففي بيعها قبل نقلها روايتان عن أحمد ونقلها قبضها (٢).

يمكن القضاء على جشع التجار الذين يحتالون بأنواع من البيوع المحرمة على استغلال حاجة المضطرين بالأمور الآتية:

أولا: التوعية الشاملة:

يقوم العلماء بتبيين أنواع البيوع المحرمة، ويحذرون الناس من التعامل بها لما فيها من غضب الله وسخطه ولما يترتب عليها من أخطار على الأمة وخاصة المحتاجين، وما ينشأ عنها من أضرار اجتماعية ومالية من توليد الضغائن والأحقاد وتقطيع أواصر المحبة والإخاء وتكبيل من صاروا


(١) سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٨).
(٢) المغني ج ٤ ص ٢٧٧ - ٢٧٩