للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاغترار بأهله ومن افتتن به، وتلون بأوضاره وتلطخ بقذره، فقال: «إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو (١)» فهو مدرجة الهلاك وسابلة التمزق، ومطية ذلول لكل عدو حاقد موتور.

وهذا النهي عام في جميع أنواع الغلو: في الاعتقادات، والأعمال، والأقوال، والأمثال، والقليل والكثير، والدقيق والجليل (٢).

وانظر إلى آثاره المريرة الموجعة التي حصدت الأمة حصدا، وقوضت دولة الإسلام، وما سببه من آلام ومصائب، وجلبه من دمار في الماضي والحاضر.

وإنك لتعجب كل العجب من أمة حذرها نبيها - صلى الله عليه وسلم - وخوفها الصالحون من سلفها ونهوها عنه (٣). وهي ترى بعد ذلك نتائجه المؤلمة ونهاياته المروعة ثم تقع فيه وتتهافت عليه وتجري وراءه دون رادع أو زاجر.

اللهم لا تمكر بنا ولا تطمس بصائرنا فنضل الطريق ونشقى في الدنيا والآخرة. قال تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} (٤) وقال تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٥).


(١) أخرجه النسائي في المجتبى ٥/ ٢٦٨ وابن ماجه في السنن رقم ٣٠٦٤ وأحمد في المسند ٩/ ٢١٥، ٢٤٧ بسند صحيح وانظر بقية التخريج في فتح المجيد يسر الله نشره.
(٢) ينظر ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٢٨٩.
(٣) ينظر الدارمي: السنن رقم ١٤٤، ١٤٥، ٢٢٢.
(٤) سورة الروم الآية ٤
(٥) سورة يوسف الآية ٢١