للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيا: حكمه: الرياء إما أن يدخل في أساس العمل أو في تحسينه. فإن دخل في أساس العمل - بمعنى أنه لا يأتي بأصل العبادة كالصلاة والزكاة والصوم إلا رياء ولولا ذلك ما صلى ولا صام ولا ذكر الله - فهو مشرك شركا أكبر وهو من المنافقين الذين قال الله فيهم {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (١) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (٢) إلى أن قال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (٣) {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (٤).

وإن دخل في تحسين العمل - بمعنى أن العامل إنما أراد بعمله وجه الله تعالى لكن حسنه رياء كأن يطيل في الصلاة ليراه الناس، أو يرفع صوته بالقراءة أو الذكر ليسمعه الناس فيحمدوه - فإن الرياء في هذه الحالة يعتبر شركا أصغر لا يخرج صاحبه من الملة إذ المراد بالرياء (الذي هو شرك أصغر) هو يسير الرياء الداخل في تحسين العمل المراد به وجه الله تعالى (٥).

لكن هذا الرياء - الذي هو شرك أصغر - هل يبطل العمل الذي قارنه أم لا؟ إن قارن العبادة من بدايتها واستمر فالنصوص الصحيحة تدل


(١) سورة النساء الآية ١٤٢
(٢) سورة النساء الآية ١٤٣
(٣) سورة النساء الآية ١٤٥
(٤) سورة النساء الآية ١٤٦
(٥) انظر: فتاوى اللجنة جـ ١ ص ٥١٧ - ٥١٨، فتح المجيد ص ٣٦٩ - ٣٧٠، ٢٠٠ سؤال وجواب حافظ حكمي ص ١٦.