للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم (١)».

فقد جاء التحذير في هذه النصوص الكريمة من التنافس في الدنيا مبينة أن الخشية من الغنى والتنافس في الأموال وجمعها أشد خطورة من الفقر، وذلك لأن فتنة الغنى غالبا ما تكون دينية وفتنة الفقر غالبا ما تكون دنيوية، ولهذا فقد جاء الندب إلى التقلل من الدنيا والحذر منها، وأن حال المسلم في الدنيا كحال الغريب عن وطنه أو المسافر لبعض أموره فإن كلا منهما يكون متقللا مقتصرا على ما هو ضروري من متاع أو طعام متطلعا إلى قضاء حاجته، متعلقا بعد الله بوطنه الذي سيرجع إليه.

والنهي عن الاستباق والتنافس هنا هو: في حالة ما إذا كان ليس فيه خدمة للآخرة ولا المصلحة العامة المشروعة وإلا فهو مباح ويكون من قبيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل (٢)».

ومن معاني الحسد في الحديث: " الاغتباط " وعلى هذا ترجم البخاري لهذا الحديث. أو هو بمعنى قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (٣) ويؤيده ما جاء في لفظ الحديث عند أحمد «لا تنافس بينكم إلا في اثنتين (٤)». . .


(١) صحيح البخاري " الجزية والموادعة " (٦/ ٢٥٨).
(٢) صحيح البخاري " فضائل القرآن " (٩/ ٧٣).
(٣) سورة البقرة الآية ١٤٨
(٤) المسند (٤/ ١٠٥).