للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حذيفة لما سألته عن سالم: «أرضعيه تحرمي عليه (١)». ولم يفصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - المقدار الذي يحرم من الرضاع، ولما لم يبين ينصرف اللفظ إلى الجميع قليلا أو كثيرا.

القول الثاني:

وذهب فريق آخر من العلماء إلى أن المصة والمصتين والرضعة والرضعتين لا تنشئ الحرمة، واشترطوا لانتشار الحرمة ثلاث رضعات فأكثر، أما ما كان دون ذلك فلا ينشر الحرمة أبدا، ومن قال بهذا القول أبو عبيدة وأبو ثور، وهو قول داود وابن المنذر، وبه قال سليمان بن يسار وسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (٢).

وقد استدلوا على رأيهم بما جاء في صحيح الإمام مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تحرم المصة ولا المصتان (٣)». وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان (٤)». فقالوا: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن المرة والمرتين لا تنشر الحرمة، فيبقى ما زاد على ذلك وهو الثلاث، فما زاد وهو أقل الجمع حتى يعتبر في الرضاع.

القول الثالث:

وذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه - إلى أن الرضاع لا يحرم إلا ما كان خمس رضعات فأكثر، أما ما كان دون ذلك فلا يمكن أن تنتشر فيه الحرمة (٥)، وهو مذهب ابن حزم الظاهري وبه قال الحنابلة (٦) وقد استدلوا بما يلي:


(١) صحيح مسلم الرضاع (١٤٥٣)، سنن النسائي النكاح (٣٣٢٣)، سنن أبو داود كتاب النكاح (٢٠٦١)، سنن ابن ماجه كتاب النكاح (١٩٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٠١)، موطأ مالك كتاب الرضاع (١٢٨٨)، سنن الدارمي كتاب النكاح (٢٢٥٧).
(٢) انظر بداية المجتهد لابن رشد جـ ٢ ص ٢٨، المغني لابن قدامة جـ ٨ ص ١٤٠، المحلى لابن حزم جـ ١٠ ص ١٣.
(٣) صحيح مسلم الرضاع (١٤٥٠)، سنن الترمذي الرضاع (١١٥٠)، سنن النسائي النكاح (٣٣١٠)، سنن أبو داود النكاح (٢٠٦٣)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٤٧)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٥١).
(٤) صحيح مسلم الرضاع (١٤٥١)، سنن النسائي النكاح (٣٣٠٨)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٤٠)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٣٩)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٥٢).
(٥) مغني المحتاج جـ ٣ ص ٤١٤ وبداية المجتهد جـ ٢ ص ٣٨.
(٦) المحلى لابن حزم جـ ١٠ ص ١٢ والمغني لابن قدامة جـ ٨ ص ١٤١.