للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وممن قال قول ابن حزم في كيفية وصول اللبن إلى الجوف: الحنابلة والليث وأبو سليمان وهو قول عطاء، وبه أخذ الشيعة الجعفرية (١).

وذهب الحنفية والمالكية والشافعية والشعبي (٢) إلى أن السعوط والوجور (٣) يحرمان كما تحرم الرضاعة، وذلك لأن المقصود من الرضاعة طرد الجوع، وطرد الجوع يحصل بالسعوط والوجور كما يحصل بالرضاع، فلما كانت العلة طرد الجوع وهي حاصلة في كلا الأمرين لذلك تنتشر الحرمة في السعوط والوجور كما تنتشر في الرضاع.

أما إذا اكتحل الصبي باللبن أو صب في عينيه أو أذنيه أو احتقن أو داوى به جائفة (٤) أو مأمومة (٥) أو قطرة في إحدى السبيلين فإن الحرمة لا تنتشر به ولا يكون محرما، وذلك لعدم وصوله إلى الجوف وكذلك لعدم حصول المقصود منه وهو دفع الجوع وإنبات اللحم وإنشاز العظم.

وذهب محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة إلى أن الحقنة تثبت بها الحرمة، وقال: إن الحقنة تفطر الصائم، فلما فطرت الصائم إذا ثبتت فيها الحرمة (٦).

أما الإمام مالك فلم ينسب إليه قول في ذلك، وقد نقل سحنون أن الاحتقان إذا كان فيه غذاء فإنه ينشر الحرمة وإلا فلا، حيث جاء في المدونة ما نصه: قلت: أرأيت الصبي إذا حقن بلبن امرأة هل تقع الحرمة


(١) المحلى لابن حزم جـ ١٠ ص ٩.
(٢) الهداية جـ ١٠ ص ١٦٣ والمدونة جـ ٢ ص ٢٨٨ ومغني المحتاج جـ ٣ ص ٤١٤.
(٣) السعوط أن يصب اللبن في أنف الصبي، أما الوجور فهو صب اللبن في حلق الصبي من غير ثدي.
(٤) الجائفة هي الضربة النافذة إلى داخل الجوف.
(٥) المأمومة هي الضربة الواصلة إلى أم الدماغ وهي التي في الرأس.
(٦) الاختيار في تعليل المختار للموصلي جـ ٣ ص ١٢٠.