وثمانين، وقال المازري لو فهم الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم حد في الخمر حدا معينا لما قالوا فيه بالرأي كما لم يقولوا بالرأي في غيره، فلعلهم فهموا أنه ضرب فيه باجتهاده في حق من ضربه. انتهى.
وقد وقع التصريح بالحد المعلوم فوجب المصير إليه، ورجح القول بأن الذي اجتهدوا فيه زيادة على الحد إنما هو التعزير على القول بأنهم اجتهدوا في الحد المعين، لما يلزم منه من المخالفة التي ذكرها كما سبق تقريره. وقد أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج أنبأنا عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول:" كان الذي يشرب الخمر يضربونه بأيديهم ونعالهم فلما كان عمر فعل ذلك حتى خشي فجعله أربعين سوطا فلما رآهم لا يتناهون جعله ثمانين سوطا وقال هذا أخف الحدود ". والجمع بين حديث علي المصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم جلد أربعين وأنه سنة، وبين حديثه المذكور في هذا الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنه بأن يحمل النفي على أنه لم يحد الثمانين أي لم يسن شيئا زائدا على الأربعين ويؤيده قوله:" وإنما هو شيء صنعناه نحن " يشير إلى ما أشار به على عمر، وعلى هذا فقوله:" لو مات لوديته " أي في الأربعين الزائدة، وبذلك جزم البيهقي وابن حزم ويحتمل أن يكون قوله:" لم يسنه " أي الثمانين لقوله في الرواية الأخرى: " وإنما هو شيء صنعناه " فكأنه خاف من الذي صنعوه باجتهادهم أن لا يكون مطابقا، واختص هو بذلك لكونه الذي كان أشار بذلك واستدل له ثم ظهر له أن الوقوف عند ما كان الأمر عليه أولا أولى فرجع إلى ترجيحه وأخبر بأنه لو أقام