وأخرج الدارقطني بسند صحيح " عن السائب بن يزيد عن عمر بن الخطاب أنه ضرب رجلا وجد منه ريح الخمر " وفي لفظ " ريح شراب ".
والحاصل أن حده عند وجود الريح مع عدم البينة والإقرار لا يستلزم اشتراط الرائحة مع أحدهما، ثم هو مذهب لبعض العلماء منهم مالك وقول للشافعي ورواية عن أحمد والأصح عن الشافعي وأكثر أهل العلم نفيه، وما ذكرناه عن عمر يعارض ما ذكرنا عنه أنه عزر من وجد منه الرائحة ويترجح لأنه أصح وإن قال ابن المنذر ثبت عن عمر أنه جلد من وجد رائحة الخمر حدا تاما، وهو أن الأصل في الحدود إذا جاء صاحبها مقرا أن يرد ويدرأ ما يستطيع فكيف يأمر ابن مسعود بالمزمزه عند عدم الرائحة ليظهر الريح فيجده، فإن صح فتأويله أنه كان رجلا مولعا بالشراب مدمنا عليه فاستجاز ذلك فيه (١) انتهى.
ويمكن أن يقال أنه إنما أمر بترترته ومزمزته لكونه لم يأت تائبا وإنما جاء به عمه ليقام عليه الحد فأراد ابن مسعود أن يستثبت في وقوع الشرب منه بالعمل المذكور لتظهر الرائحة.