قال: «أشربت خمرا قام فاستنهكه فلم يجد منه ريح خمر (١)» قال اللخمي: فيه دليل أن الرائحة يقضى بها، دليل آخر أن إقرار السكران غير لازم (مسألة) قال اللخمي رحمه الله تعالى: ذهب مالك رضي الله تعالى عنه وجماعة من أصحابه أن الحد يجب على من وجد منه ريح السكر، والدليل على ذلك ما روي عن السائب بن يزيد أنه حضر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو يجلد رجلا وجد منه ريح شراب فجلده الحد تاما، والدليل من جهة المعنى أن هذا معنى يعلم به صفة ما شرب المكلف وجنسه فوجب أن يكون طريقا إلى إثبات الحد، وأصل ذلك الرؤية، لما شربه بل الرائحة أقوى من معرفة حال المشروب من الرؤية، لأن الرؤية لا يعلم بها الشراب أمسكر هو أم لا وإنما يعلم ذلك برائحته.
(فصل) والكلام في ذلك يتعلق بثلاثة أمور، الأول: فيمن يجب استنكاهه. الثاني: فيمن يثبت ذلك بشهادته. الثالث: فيما يجب بذلك إذا تيقن رائحة المسكر أو أشكلت.
الأول: فيمن يجب استنكاهه، وذلك فيما يرى الحاكم منه تخليطا في قول أو مشي يشبه السكران، ففي الموازية من رواية أصبغ عن ابن القاسم أنه إذا رأى ذلك منه أمر باستنكاهه قال: لأنه قد بلغ إلى الحاكم فلا يسعه إلا تحققه، فإذا ثبت الحد حد أمامه.
(مسألة) وكذلك لو شم منه رائحة ينكرها، أو أنكرها بحضرته من ينكرها قال الباجي: فعندي أن قد تعين عليه استنكاهه