للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (١) {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} (٢)، وقال: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٣).

ثانيا: إخباره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: " أنا خجلان من أفعال الناس القبيحة ولم أقدر أن أقابل ربي والملائكة " فإنه من الزور والأخبار المنكرة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم أحوال أمته بعد وفاته، بل لا يعلم منها أيام حياته في الدنيا إلا ما رآه بنفسه أو أخبره به من اطلع عليه من الناس، أو أظهره الله عليه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا، ثم قرأ. . . إلى أن قال: ألا إنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم (٦)» رواه البخاري.

وعلى تقدير أنه يعلم أحوال أمته بعد وفاته فلا يلحقه بذلك حرج، ولا يصيبه من وراء كثرة ذنوبهم ومعاصيهم إثم ولا خجل، وقد ثبت في حديث الشفاعة العظمى أن أهل الموقف كفارا ومسلمين يستشفعون بالأنبياء واحدا بعد آخر حينما يشتد بهم هول الموقف فيعتذر كل منهم عن الشفاعة لهم عند الله ثم ينتهي أهل الموقف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه أن يشفع لهم عند الله فيستجيب لهم ولا يمنعه من الشفاعة لهم كثرة معاصيهم أو


(١) سورة الجن الآية ٢٦
(٢) سورة الجن الآية ٢٧
(٣) سورة الأحزاب الآية ٤٠
(٤) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٣٤٩)، صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٦٠)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٢٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٥٣).
(٥) سورة الأنبياء الآية ١٠٤ (٤) {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}
(٦) سورة المائدة الآية ١١٧ (٥) {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}