بل في ضرورة إلى الدعوة إلى الله والتبصير في دين الله والترغيب في التفقه فيه والاستقامة عليه والتحذير مما يضاده أو يضاد كماله الواجب، أو ينقص ثواب أهله ويضعف إيمانهم فالواجب على أهل العلم بشريعة الله أينما كانوا أن يقوموا بمهمة الدعوة لأن الناس في أشد الضرورة إلى ذلك في مشارق الأرض ومغاربها، ونحن في غربة من الإسلام وقلة من علماء الحق وكثرة من أهل الجهل والباطل والشر والفساد.
فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن يشمروا عن ساعد الجد وأن يستقيموا على الدعوة وأن يصبروا عليها يرجون ما عند الله من المثوبة، ويخشون مغبة التأخر عن ذلك والتكاسل عنه، والله سبحانه وتعالى أوجب على العلماء أن يبينوا، وأوجب على العامة أن يقبلوا الحق وأن يستفيدوا من العلماء وأن يقبلوا النصيحة يقول الله عز وجل:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(١) فأحسن الناس قولا من دعا إلى الله وأرشد إليه وعلم العباد دينهم وفقههم فيه وصبر على ذلك وعمل بدعوته ولم يخالف قوله فعله ولا فعله قوله، هؤلاء هم أحسن الناس قولا وهم أصلح الناس وأنفع الناس للناس وهم الرسل الكرام والأنبياء وأتباعهم من علماء الحق، فالواجب على كل عالم وطالب علم أن يقوم بهذا العمل حسب طاقته وعلمه وقد يتعين عليه إذا لم يكن في البلد أو في القبيلة أو في المكان الذي وقع فيه المنكر غيره، فإنه يجب عليه عينا أن يقول الحق وأن يدعو إليه، وعند وجود غيره يكون فرض كفاية إذا قام به البعض كفى وإن سكتوا عنه أثموا جميعا، فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن ينصحوا لله ولعباده وأن يقوموا بواجب الدعوة في بيوتهم، ومع أهليهم، وفي مساجدهم، وفي طرقاتهم، وفي بقية أنحاء قريتهم وبلادهم، وفي مراكبهم من طائرة أو سيارة أو قطار أو غير ذلك،