للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظيفة الدولة في الشريعة الإسلامية

بقلم / عثمان جمعة ضميرية (١)

[تمهيد]

اقتضت إرادة الله تعالى أن تختم الرسالات السماوية برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، برسالة إلهية شاملة جامعة، ودعوة عالمية خالدة، تهدف إلى صلاح الفرد والمجتمع وإلى خير الإنسانية جميعها.

ودعوة هذا شأنها لا بد أن تنظم العلاقة بين الفرد وخالقه، وبين الفرد وأخيه في المجتمع، وبين الفرد والمجتمع كله، وهكذا جاءت الدعوة الإسلامية منظمة لهذه العلاقات كلها في إطار دعوة التوحيد، التي تحقق الكرامة الإنسانية والحق والخير والعدالة للناس كافة. وفي الوقت نفسه جاءت هذه الدعوة الإلهية لتشمل نشاط الإنسانية بكل جوانبه، فهي لم تعن بالناحية الروحية مثلا وتهمل الجانب العقلي، كما أنها لم تعن بواحد منهما على حساب الجسم، وإنما كانت تهتم بكل جوانب الكيان البشري: روحا وعقلا وجسما، كما أنها لم تنظم العلاقة بين الأفراد فحسب، بل شملت بتنظيمها العلاقة الدولية للمسلمين، وهذا ينبئ أن الإسلام ليس دينا عقديا فحسب، لا شأن له بالدنيا والدولة، بل هو دين ودولة، فهما متلازمان، فالدولة من الدين، والدين بجملة أحكامه لا بد له من دولة تقيمه وتحميه، وقد بدا هذا الأمر ملازما للدعوة الإسلامية منذ أول عهدها، وقد عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحقيق هذا الفكرة بالهجرة إلى المدينة المنورة، التي أصبحت نواة الدولة الإسلامية الجديدة، ومنها امتدت إلى مختلف البقاع (٢).


(١) وردت ترجمة للباحث في العدد ١٦ الصفحة (٢٩٧).
(٢) انظر: منهج الإسلام في الحرب والسلام، تأليف عثمان جمعة ضميرية، ص (٧ - ٨).