للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جذورها، وترويج الخير المرضي عند الله تعالى، المبين في كتابه، ففي تحقيق هذا الغرض تستعمل القوة السياسية تارة، ويستفاد من منابر الدعوة والتبليغ العام تارة أخرى، ويستخدم لذلك وسائل التربية والتعليم طورا، ويستعمل لذلك الرأي العام والنفوذ الاجتماعي طورا آخر، كما تقتضيه الظروف والأحوال. فمن الظاهر أنه لا يمكن لمثل هذا النوع من الدولة أن تحدد دائرة عملها، لأنها شاملة محيطة بالحياة الإنسانية بأسرها، وتطبع كل فرع من الفروع الحياة الإنسانية بطابع نظريتها الخلقية الخاصة وبرنامجها الإصلاحي الخاص، فليس لأحد أن يقوم في وجهها ويستثني أمرا من أموره قائلا: إن هذا أمر شخصي خاص لكي لا تتعرض له الدولة.

وبالجملة: إن الدولة الإسلامية تحيط بالحياة الإنسانية وبكل فرع من فروع الحضارة وفق نظريتها الخلقية وبرنامجها الإصلاحي) (١).

ويقول أيضا: (ليست المهمة الحقيقية التي تتولاها الدولة الإسلامية في الأرض هي أن تعمل على إقامة الأمن والدفاع عن حدود البلاد أو رفع مستوى معيشة الأهالي، فما هذا هو الغرض الأقصى والغاية العليا من وراء قيام الدولة الإسلامية، فإن الميزة التي تميزها عن سائر الدول غير المسلمة هي أن تعمل على ترقية الحسنات التي يريد الإسلام أن يحلي بها الإنسانية، وتستنفذ جهودها في استئصال السيئات التي يريد الإسلام أن يطهر منها الإنسانية) (٢).

* فالدولة الإسلامية لا تقتصر وظيفتها على الوظيفة التقليدية، وهي حفظ الأمن الداخلي والخارجي وإقامة مرفق القضاء، ولا على التدخل أو


(١) نظرية الإسلام وهديه في السياسة .. للمودودي ص (٤٥ - ٤٦).
(٢) نظرية الإسلام السياسية للمودودي ص (٢٧٧ - ٢٧٨).