للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أوردت المصادر نقولا كثيرة من أكثر كتب الأخفش النحوية واللغوية المفقودة، وذكر بعض المصنفين أسماء بعضها، فقد نقل على سبيل المثال من كتابه " الواحد والجمع في القرآن " في الهمع والمزهر (١)، ومن كتابيه " المسائل الصغير " و " البسيط " في الأشباه والنظائر (٢) وذكر ابن جني في الخصائص كتابه " المقاييس " (٣).

ولقد عاش الأخفش ملء السمع والبصر، فقد صحب سيبويه، وكان أبرع تلاميذه على الإطلاق، أخذ عنه كل ما عنده، وحرص على أن يقرأ عليه الكتاب مدققا فيه مستفسرا منه عن كل مشكلاته (٤)، وحين برع التلميذ في النحو ناظر أستاذه كما أن الأستاذ إدركا منه لما آل إليه الأخفش من سعة العلم عرض عليه أشياء لاعتقاده أنه أعلم منه الآن بعد أن كان سيبويه أعلم (٥)، وقد زاد تبجيل سيبويه له من تواضعه لأستاذه، فهو القائل له " إنما ناظرتك لأستفيد لا لغيره " (٦) فيجيبه سيبويه: " أتراني أشك في هذا " (٧).

هكذا كان الأخفش على علم دقيق بمنهج سيبويه وبمحتويات كتابه، وهكذا كانت ثقة سيبويه بالأخفش وبعمق فهمه عظيمة، فسيبويه أعظم النحاة وإمامهم آنذاك، والأخفش تلميذه في كتابه، ومستشاره في بعض ما وضع فيه، وحامله إلى الناس وحافظه للأجيال بعده، وهو في الوقت نفسه العالم بهفواته التي جرى كثير منها على لسانه بعد وفاة سيبويه أمام طلابه، مما حمل الكسائي الكوفي - وكان أحدهم - على أن يرى أنه لم يكن في البصريين من هو أعلم من الأخفش بالكتاب؛ لأنه الذي نبه على عواره (٨).

كذلك كانت مصنفات الأخفش النحوية مصادر اعتمد عليها


(١) انظر الهمع ٢٧: ١، والمزهر ١٤٩: ٢.
(٢) انظر السيوطي، الأشباه والنظائر ١٨: ١، ٦: ٢، ٢٥.
(٣) انظر الخصائص ٢: ١.
(٤) انظر عبد الأمير الورد، منهج الأخفش الأوسط ٨٥.
(٥) انظر أبا الطيب اللغوي، مراتب النحويين ٦٩.
(٦) السيرافي، أخبار النحويين البصريين ٤٩.
(٧) السيرافي، أخبار النحويين البصريين ٤٩.
(٨) انظر مراتب النحويين ٦٨.