تعصبه لأهل بلده وعلى انفتاحه وإباحته ما حرموه والأخذ بما تركوه والإقرار بما أنكروه عن قصد وإرادة لا يشوبها تردد أو إحجام وعلى استعداده لقبول ما يعتقده حقا من مواقف منافسيهم حتى لو كان قومه يرونه غير ذلك، أو للانفراد بجديد لم يقل به غيره أو يسمع به هو وسواه من هذه اللغات.
على أن الأخفش خالف في الوقت نفسه بعض ما سمع من العرب الثقات مما يعني أنه كان يتخذ أحيانا موقفا مستقلا يرجح فيه ما يرى رجحانه من لغة على أخرى مع فصاحتهما واحترامه لهما، من ذلك:
النسب إلى "شية" ونحوها مما هو محذوف الفاء معتل اللام، فقد قال في النسب إليها "وشيي" على وزن "فعلي" برد فاء الكلمة وتسكين عينها وكسر لامها لمناسبة ياء النسب مع بقائها ياء، خلافا لما سمع من ناس من العرب يحتج بقولهم، على ما حكاه الأخفش نفسه عن يونس من أن حمادا الراوية حدثه أنهم يقولون في النسب إلى شية " شيوي " على وزن " علوي" بوضع الفاء موضع اللام ثم النسب، وقد خالف الأخفش في صيغته سيبويه أيضا الذي رأى أن النسب إلى شية هو "وشوي" على وزن "فعلي" برد فاء الكلمة وفتح عينها وقلب لامها واوا مكسورة (١).