للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند أبي داود: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام (١)» فسبق منا فتوى في معنى هذا الحديث رقم ٤٣٨٣ هذا نصها:

(س: في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حيا في قبره الشريف بإعادة الروح في الجسد والبدن (العنصرية) بحياة دنيوية حسية أو حيا في أعلى عليين بحياة أخروية برزخية بلا تكليف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين حضره الموت: «اللهم بالرفيق الأعلى (٢)»، وجسده المنور الآن كما وضع في قبر بلا روح، والروح في أعلى عليين، واتصال الروح بالبدن والجسد المعطر عند يوم القيامة كما قال الله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (٣)

ج: إن نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - حي في قبره حياة برزخية يحصل بها التنعم في قبره بما أعده الله له من النعيم جزاء له على أعماله العظيمة الطيبة التي قام بها في دنياه - عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام -، ولم تعد إليه روحه ليصير حيا كما كان في دنياه، ولم تتصل به وهو في قبره اتصالا يجعله حيا كحياته يوم القيامة، بل هي حياة برزخية وسط بين حياته في الدنيا وحياته في الآخرة، وبذلك يعلم أنه قد مات كما مات غيره ممن سبقه من الأنبياء وغيرهم، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} (٤) وقال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (٥) {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (٦) وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (٧) إلى أمثال ذلك من الآيات الدالة على أن الله قد توفاه إليه؛ ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه، ولو كان حيا حياته الدنيوية ما فعلوا به ما يفعل بغيره من الأموات.

ولأن فاطمة - رضي الله عنها - قد طلبت إرثها من أبيها - صلى الله عليه وسلم - لاعتقادها


(١) سنن أبو داود المناسك (٢٠٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٢٧).
(٢) صحيح البخاري المغازي (٤٤٣٧)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٤٤)، سنن الترمذي الدعوات (٣٤٩٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٣١)، موطأ مالك الجنائز (٥٦٢).
(٣) سورة التكوير الآية ٧
(٤) سورة الأنبياء الآية ٣٤
(٥) سورة الرحمن الآية ٢٦
(٦) سورة الرحمن الآية ٢٧
(٧) سورة الزمر الآية ٣٠