للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلوا بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله (١)

ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله

فقال له عمر: يا ابن رواحة، بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خل عنه يا عمر، فلهي أسرع فيهم من نضح النبل».

ب - ويوم فتح مكة، دخلها النبي الكريم من كداء، وقد تصدت نساء قريش لخيول المسلمين تلطمها بخمرهن، لتردها عن مطاردة فلول الشرك المنهزمة، فكان مما أعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا المشهد موافقته لما كان قد تنبأ به حسان بن ثابت - رضي الله عنه - في شعره حين هجا أبا سفيان بن الحارث: عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال.

«لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، جعل النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونظر إلى أبي بكر وقال: كيف قال حسان؟ فأنشده: -

عدمنا خيلنا وإن لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء (٢)

ينازعن الأعنة مصعدات ... يلطمهن بالخمر النساء


(١) رواه الترمذي (٢٨٥١) في الأدب، ما جاء في إنشاد الشعر، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي (٥/ ٢٠٢) في المناسك، إنشاد الشعر في الحرم، وابن حبان (٢٠٢٠، ٢٠٢١ موارد)، والبزار في زوائده (٢٠٩٩) في الأدب، هجاء أهل الشرك، وذكره المتقي في الكنز (٧٩٩٣)، والحافظ في الإصابة (٢/ ٢٩٩) وقال: أخرجه أبو يعلى بسند حسن، وقال في الفتح (٧/ ٣٨٤): ورواه عبد الرزاق من وجهين صحيحين عن أنس، كما ذكره ابن هشام في السيرة (٤/ ٥)، وابن سعد في طبقاته (٣/ ٥٢٦).
(٢) رواه الطبري في التهذيب (٢٧٣٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٩٦) بلفظ: (عدمت بنيتي إن لم تروها. .)، وابن حبان في صحيحه (٦/ ٤٤) عن عائشة. والنقع: الغبار،، وإثارته: نشره، وكداء: الثنية التي بأعلى مكة عند المقبرة، وتسمى (المعلى)، وليست هي (كدى) التي بأسفل مكة قرب شعب الشافعيين وابن الزبير عند قعيقعان، ولا (كدي) بالتصغير، وهو: الذي يكون في طريق الخارج من مكة إلى اليمن (انظر: جامع الأصول / لابن الأثير ٥/ ١٧٨). وفي قوله: (ينازعن الأعنة): إشارة إلى قوة نفوس الخيل وصلابتها، وأنها تنازع الحديد وتعلكه. ومصعدات: ذاهبات صعدا، مقبلات إليكم متوجهات، والخمر: جمع خمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها، ويقول: (إن الخيل تبعتهم تطاردهم، فانبعثت النساء يضربن خدود الخيل بخمرهن لتردها)، وهذا ما كان يوم الفتح.