قال: فأنشد الكلمة كلها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفس محمد بيده لهي أشد عليهم من رشق النبل.
قال ابن سيرين: نبئت أن دوسا إنما أسلمت بكلمة كعب هذه».
د- وقد اتخذ الصحابيان الجليلان: عامر بن الأكوع وعلي بن أبي طالب من الشعر بلسما يشحذ في نفسيهما كل طاقات الشجاعة ويستثير فيهما روح المغامرة حين منازلتهما (مرحب) ملك يهود، عام خيبر:
عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: «لما قدمنا خيبر خرج ملكهم (مرحب) يخطر بسيفه ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب (١)
إذا الحروب أقبلت تلهب
وقال وبرز له عمي فقال: -
قد علمت خيبر أني عامر ... شاكي السلاح بطل مغامر
قال: فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له - يضربه من أسفله - فرجع سيفه على نفسه، فقطع أكحله فكانت فيها نفسه.
قال سلمة: فخرجت فإذا نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون: بطل عمل عامر، قتل نفسه، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي فقلت: يا رسول
(١) رواه مسلم (١٨٠٦، ١٨٠٧) في الجهاد والسير، غزوة ذي قرد وغيرها، والحاكم (٣/ ٤٣٧) وقال: والأخبار متواترة بأسانيد كثيرة أن قاتل مرحب هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. وحيدرة: اسم للأسد، وذلك أن فاطمة بنت أسد أم علي لما ولدته سمته باسم أبيها، وكان أبو طالب غائبا، فلما قدم كره هذا الاسم وسماه عليا، والسندرة: مكيال ضخم، أي: أقتل الأعداء قتلا واسعا عريضا. وذكر الحديث ابن سعد في الطبقات (٢/ ١١٠).