للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحانه على عباده من توحيده، وإخلاص العبادة له، وإفراده بالعبادة، وبيان ضد ذلك من الشرك الأكبر، والذنب الذي لا يغفر، وأنواع الكفر والضلال.

ولو لم يكن في تدبر هذا الكتاب العظيم إلا العلم بهذا الواجب العظيم، وتدبر ما ذكره الله في ذلك، لكان ذلك خيرا عظيما، وفضلا كبيرا، فكيف وفيه الدلالة على كل خير، والترهيب من كل شر، كما تقدم.

ثم بعد ذلك العناية بالسنة، فإنها الأصل الثاني، والوحي الثاني، وفيها التفسير لكتاب الله، والدلالة على ما قد يخفى من كلامه سبحانه، فهي الموضحة لكتاب الله كما قال الله -عز وجل-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (١)، ويقول سبحانه: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} (٢).

فهو أنزل لدعوة الناس إلى الخير، وتعليمهم سبيل النجاة، وتحذيرهم من سبل الهلاك، وأمر الله نبيه -عليه الصلاة والسلام- أن يبين للناس ما أنزل إليهم، وأن يشرح لهم ما اشتبه عليهم. فلم يزل -عليه الصلاة والسلام- من حين بعثه الله إلى أن توفاه سبحانه يدعو الناس إلى ما دل عليه كتاب الله، ويشرح لهم ما دل عليه، ويحذرهم مما نهى عنه. وكانت المدة من حين بعثه الله إلى أن توفاه ثلاثا وعشرين سنة، كلها دعوة وبيان وترهيب وترغيب، إلى أن نقل إلى الرفيق الأعلى -عليه الصلاة والسلام-.

ومحاضرتي هذه الليلة في أعظم موضوع، وأهم موضوع، وهو موضوع العقيدة، موضوع التوحيد وضده.


(١) سورة النحل الآية ٤٤
(٢) سورة النحل الآية ٦٤