للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعند التفصيل تكون أنواع التوحيد ثلاثة:

توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. فتوحيد الربوبية أقر به المشركون ولم ينكروه، لكنهم لم يدخلوا به في الإسلام لأنهم لم يخصوا الله بالعبادة، ولم يقروا بتوحيد الإلهية، بل أقروا بأن ربهم هو الخالق الرازق، وأن الله هو ربهم، ولكنهم لم يوحدوه بالعبادة، فقاتلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يخلصوا العبادة لله وحده.

فتوحيد الربوبية معناه هو الإقرار بأفعال الرب، وتدبيره للعالم، وتصرفه فيه، هذا يسمى توحيد الربوبية، وهو الاعتراف بأنه الخلاق الرزاق مدبر الأمور ومصرفها، يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير.

وهذا في الجملة أقر به المشركون، كما قال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (١)، وقال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (٢)، وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (٣).

فهم معترفون بهذه الأمور، لكنهم لم يستفيدوا من هذا الإقرار في توحيد الله بالعبادة، وإخلاصها له -سبحانه وتعالى-، بل اتخذوا معه وسائط، وزعموا أنها شفعاء وأنها تقربهم إلى الله زلفى كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (٤)


(١) سورة الزخرف الآية ٨٧
(٢) سورة الزمر الآية ٣٨
(٣) سورة يونس الآية ٣١
(٤) سورة يونس الآية ١٨