الحامل حسن النية وقام هذا بمطالبة الساحب فإنه يمتنع على الساحب أن يحاج الحامل ببطلان التزامه ولا ينازع أكثر فقهائنا في عدم صحة الدفع بانقضاء الالتزام مع تعلق حق ثالث ولكنهم يصححون الدفع بأن الالتزام قد نشأ باطلا؛ لأن الدين هنا لم يكن قائما فقط بخلافه في الحالة الأولى، ومع صحة هذا الدفع شرعا في وجه الحامل حسن النية يجوز للحاكم أن يمنع سماع الدفع في حق الحامل مطلقا إذا كان في هذا المنع مصلحة عامة، وقد قالوا: يجوز للحاكم أن يقيد القضاء ويعلقه بالشرط والإضافة والاستثناء، ولا غرو فإنهم في التشريع التجاري المصري جعلوا للمدين التمسك بعدة دفوع كالتزوير وكشرط عدم الضمان في نص الورقة وكعدم استيفاء البيانات اللازمة لاعتبارها ورقة تجارية، وكالمقاصة بين ديني المدين والحامل، وكلها دفوع معتبرة شرعا، ولفقهاء المذاهب نصوص تدعمها عدا الدفع باستيفاء البيانات اللازمة لتجارية الورقة، وإن كان لا ينوب عمن له الدفع أصالة غيره من سائر الموقعين إلا في حالة غيبة من طرق النيابة الشرعية.
على أن استثناء الدفع باستيفاء هذه البيانات إنما هو بالنظر لأصل الشرع؛ لأن هذه البيانات اللازمة قانونا هي ترتيبات زمنية جديدة ليس لها ذكر في نصوص الشريعة أو الفقه، ولكن لا يخفى أنه يجوز للحاكم أن يشترط في سماع الدعوى بصحة العقود تقييد هذه العقود بالكتابة على شكل خاص، ويترتب عليه قبول الدفع بعدم استيفاء البيانات اللازمة لصحة الورقة. لكن هذا لا يجيز للإنسان فيما بينه وبين الله تعالى أن يأكل حق صاحبه الثابت وإن لم يحكم في القضاء له به وبالجملة فالحوالة بتظهير الورقة