للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستثنى موتة سابقة من موت منفي مستقبلا لإفادة تأبيد الحياة وتأكيد دوامها، أو المراد بالاستثناء ببيان عموم مشيئة الله ونفوذها في كل شيء، فدخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار وخلود كل من الفريقين فيما دخل فيه من نعيم أو عذاب إنما كان بمشيئة الله واختياره وفضله وعدله لا واجبا عليه عقلا ولا يحصل كرها عنه ولا قهرا له تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

وثبت في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ينادي مناد: يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبئسوا أبدا (١)» رواه مسلم، وثبت أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح إلى أن قال: فيؤمر به فيذبح ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت (٢)» إلخ رواه مسلم في صحيحه، وأكد سبحانه خلود الجنة والنار وأبديتهما، وخلود المؤمنين في الجنة، والكافرين في النار، في آيات كثيرة من القرآن، وفصلت السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفصيلا لا يدع مجالا للشك في حقيقته ولا لتأويل النصوص الصريحة، فمن شك فيه أو تأوله فقد اتبع هواه وحرف الكلم عن مواضعه وكان من الكافرين.

س: تحدث في آخر كتاب له صدر قريبا سماه - النار مستشفى - تحدث عن النار وصورها بأنها مستشفى، وأن رحمة الله في الآخرة تشمل الكافر، وفي معرض استشهاده قال: إن القول في ابن آدم المشار إليه في حديث الرسول - صلى الله عيه وسلم -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (٣)» بأن المراد بابن آدم هنا المسلم فقط يعتبر ضيقا في الفهم وليس عدلا.

ج: النار تعتبر عقوبة مؤقتة بالنسبة لمن دخلها من عصاة المؤمنين،


(١) صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٣٧)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٢٤٦)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٩٥)، سنن الدارمي الرقاق (٢٨٢١).
(٢) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٧٣٠)، صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٤٩)، سنن الترمذي صفة الجنة (٢٥٥٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٩).
(٣) صحيح مسلم الوصية (١٦٣١)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٧٦)، سنن النسائي الوصايا (٣٦٥١)، سنن أبو داود الوصايا (٢٨٨٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٧٢)، سنن الدارمي المقدمة (٥٥٩).