للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلوم أن الكذب حرام، وإذا كان مع اليمين صار أشد تحريما، لكن لو دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة إلى الحلف الكاذب فلا حرج في ذلك لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من «حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي المعيط - رضي الله عنها -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرا أو ينمي خيرا، قالت ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس والحرب، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها (١)» رواه مسلم في الصحيح.

فإذا قال في إصلاح بين الناس: والله إن أصحابك يحبون الصلح ويحبون أن تتفق الكلمة، ويريدون كذا وكذا، ثم أتى الآخرين وقال لهم مثل ذلك، ومقصده الخير والإصلاح فلا بأس للحديث المذكور.

وهكذا لو رأى إنسانا يريد أن يقتل شخصا ظلما أو يظلمه في شيء آخر، فقال له: والله إنه أخي، حتى يخلصه من هذا الظالم إذا كان يريد قتله بغير حق أو ضربه بغير حق، وهو يعلم أنه إذا قال: أخي تركه احتراما له، وجب عليه مثل هذا لمصلحة تخليص أخيه من الظلم.

والمقصود أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم، إلا إذا ترتب عليها مصلحة كبرى أعظم من الكذب، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق.


(١) صحيح البخاري الصلح (٢٦٩٢)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٦٠٥)، سنن الترمذي البر والصلة (١٩٣٨)، سنن أبو داود الأدب (٤٩٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٠٤).