للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلحم فرفع إليه الذراع فأكله وكانت تعجبه فنهس منها نهسة ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس منهم، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون (٢)». وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء، ينتظرون فصل القضاء وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي (٣)». إنهم لا يستطيعون في الأرض هربا، ولا يجدون من القول جدلا، استسلموا لما في الدنيا، قد وعدوا وما في ساعتهم قد وجدوا {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ} (٤).

قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: " أي لا يستطيعون هربا من أمر الله وقدره بل هو محيط بكم لا تقدرون على التخلص من حكمه، ولا النفوذ عن حكمه فيكم، أينما ذهبتم أحيط بكم، وهذا في مقام الحشر، الملائكة محدقة بالخلائق سبع صفوف من كل جانب، فلا يقدر أحد على الذهاب {إِلَّا بِسُلْطَانٍ} (٥) أي بأمر الله {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} (٦) {كَلَّا لَا وَزَرَ} (٧) {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} (٨) " (٩).


(١) رواه البخاري في كتاب التفسير سورة بني إسرائيل، باب ٥، حديث ٤٧١٢، ومسلم كتاب الإيمان، باب ٨٤، حديث ١٩٤، والترمذي كتاب صفة القيامة، باب ١٠، حديث ٢٤٣٤.
(٢) نهس: النهس أخذ اللحم بأطراف الأسنان. والنهش: الأخذ بجميعها. النهاية في غريب الحديث ٥/ ١٣٦. (١)
(٣) رواه ابن منده، وقال الذهبي: إسناده حسن. انظر معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد ١/ ٢٦٥.
(٤) سورة الرحمن الآية ٣٣
(٥) سورة الرحمن الآية ٣٣
(٦) سورة القيامة الآية ١٠
(٧) سورة القيامة الآية ١١
(٨) سورة القيامة الآية ١٢
(٩) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٤٢٧.