للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوضيح ذلك أنه ليس الأخذ بظاهر هذه النصوص أولى من الأخذ بظاهر تلك النصوص، والأخذ بالظاهرين متناقض فلا بد من التخصيص.

وأما الأخبار المخصصة لعموم الآية فكثيرة، منها: حديث عبادة بن الصامت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا. . . إلى أن قال: فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عليه فأمره إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه (١)»، وحديث أبي هريرة في الرجل الذي قتل مائة نفس (٢).

ثم إنهم _ الخوارج ومن وافقهم _ قد أجمعوا معنا في الرجل يشهد عليه بالقتل أو الزنا ويقر بأنه قتل أو زنى ويأتي السلطان فيقيم عليه الحد، فهذا غير نافذ عليه الوعيد في الآخرة إجماعا على مقتضى حديث عبادة. فقد انكسر عليهم ما تعلقوا به من عموم هذه النصوص ودخلها التخصيص بما ذكر (٣).

من كلام القرطبي: يظهر أن هذه النصوص مخصصة بالنصوص الدالة على العفو والتوبة. وعلية فيبطل الاستدلال بعمومها على تخليد أصحاب الكبائر في النار، والله أعلم.


(١) رواه البخاري في كتاب الإيمان - الباب الحادي عشر، حديث رقم ١٨. وانظر: فتح الباري جـ ١ صـ ٦٤، ٦٨.
(٢) رواه مسلم في كتاب التوبة، باب قبول التوبة وإن كثر قتله برقم ٤٦. انظر صحيح مسلم جـ ٤ صـ ٢١١٨.
(٣) انظر: تفسير القرطبي جـ ٥ صـ ٣٣٤ بتصرف.